للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحمام كما تقدم. فلما ولاه الخليفة إمرة الأمراء أسكن في دار مؤنس الخادم، وعظم أمره جدا وانفصل ابن رائق وكانت أيامه سنة وعشرة أشهر وستة عشر يوما. وفيها بعث عماد الدولة بن بويه أخاه معز الدولة فأخذ الأهواز لأبى عبد الله البريدي، وانتزعها من يد بجكم وأعادها إليه. وفيها استولى لشكرى أحد أمراء وشمكير الديلميّ على بلاد أذربيجان وانتزعها من رستم بن إبراهيم الكردي، أحد أصحاب ابن أبى الساج، بعد قتال طويل. وفيها اضطرب أمر القرامطة جدا وقتل بعضهم بعضا، وانكفوا بسبب ذلك عن التعرض للفساد في الأرض، ولزموا بلدهم هجر لا يرومون منه انتقالا إلى غيره، ولله الحمد والمنة.

وفيها توفى أحمد بن زياد بن عبد الرحمن الأندلسى، كان أبوه من أصحاب مالك، وهذا الرجل هو أول من أدخل فقه مالك إلى الأندلس وقد عرض عليه القضاء بها فلم يقبل.

[ثم دخلت سنة سبع وعشرين وثلاثمائة]

في المحرم منها خرج الراضي أمير المؤمنين إلى الموصل لمحاربة ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان نائبها، وبين يديه بجكم أمير الأمراء، وقاضى القضاة أبو الحسين عمر بن محمد بن يوسف، وقد استخلف على بغداد ولده القاضي أبا نصر يوسف بن عمر، في منصب القضاء، عن امر الخليفة بذلك. وكان فاضلا عالما، ولما انتهى بجكم إلى الموصل واقع الحسن بن عبد الله بن حمدان فهزم بجكم ابن حمدان، وقرر الخليفة الموصل والجزيرة، وولى فيها. وأما محمد بن رائق فإنه اغتنم غيبة الخليفة عن بغداد واستجاش بألف من القرامطة وجاء بهم فدخل بغداد فأكثر فيها الفساد، غير أنه لم يتعرض لدار الخلافة، ثم بعث إلى الخليفة يطلب منه المصالحة والعفو عما جنى، فأجابه إلى ذلك، وبعث إليه قاضى القضاة أبا الحسين عمر بن يوسف، وترحل ابن رائق عن بغداد ودخلها الخليفة في جمادى الأولى، ففرح المسلمون بذلك. ونزل عند غروب الشمس أول ليلة من شهر أذار في جمادى الأولى مطر عظيم، وبرد كبار، كل واحدة نحو أوقيتين، واستمر فسقط بسببه دور كثيرة من بغداد.

وظهر جراد كثير في هذه السنة وكان الحج من جهة درب العراق قد تعطل من سنة سبع عشرة وثلاثمائة إلى هذه السنة، فشفع في الناس الشريف أبو على محمد بن يحيى العلويّ عند القرامطة، وكانوا يحبونه لشجاعته وكرمه، في أن يمكنهم من الحج، وأن يكون لهم على كل جمل خمسة دنانير، وعلى المحمل سبعة دنانير، فاتفقوا معه على ذلك، فخرج الناس في هذه السنة إلى الحج على هذا الشرط، وكان في جملة من خرج الشيخ أبو على بن أبى هريرة أحد أئمة الشافعية فلما اجتاز بهم طالبوه بالخفارة فثنى رأس راحلته ورجع وقال: ما رجعت شحا ولكن سقط عنى الوجوب بطلب هذه الخفارة. وفيها وقعت فتنة بالأندلس وذلك أن عبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس الملقب

<<  <  ج: ص:  >  >>