وفي صبيحة يوم الأحد ثالثه صلى بجامع دمشق بالصحن تحت النسر على القاضي كمال الدين حسين ابن قاضى القضاة تقى الدين السبكى الشافعيّ، ونائبة، وحضر نائب السلطنة الأمير علاء الدين على، وقضاة البلد والأعيان والدولة وكثير من العامة، وكانت جنازته محسودة، وحضر والده قاضى القضاة وهو يهادى بين رجلين، فظهر عليه الحزن والكآبة، فصلى عليه إماما، وتأسف الناس عليه لسماحة أخلاقه وانجماعه على نفسه لا يتعدى شره إلى غيره، وكان يحكم جيدا نظيف العرض في ذلك، وكان قد درس في عدة مدارس، منها الشامية البرانية والعذراوية، وأفتى وتصدر، وكانت لديه فضيلة جيدة بالنحو والفقه والفرائض وغير ذلك، ودفن بسفح قاسيون في تربة معروفة لهم ﵏.
[عودة الملك الناصر حسن بن الملك الناصر محمد بن قلاوون]
وذلك يوم الاثنين ثانى شهر شوال اتفق جمهور الأمراء مع الأمير شيخون وصرغتمش في غيبة طاز في الصيد على خلع الملك الصالح صالح بن الناصر، وأمه بنت تنكز، وإعادة أخيه الملك الناصر حسن، وكان ذلك يومئذ وألزم الصالح بيته مضيقا عليه، وسلم إلى أمه خوندة بنت الأمير سيف الدين تنكز نائب الشام كان، وقطلبو طاز، وأمسك أخوه سنتم وأخو السلطان الصالح لأمه عمر بن أحمد بن بكتمر الساقي، ووقعت خبطة عظيمة بالديار المصرية، ومع هذا فلم يقبل البريد إلى الشام وخبر البيعة إلا يوم الخميس الثالث عشر من هذا الشهر، قدم بسببها الأمير عز الدين أيدمر الشمسى وبايع النائب بعد ما خلع عليه خلعة سنية، والأمراء بدار السعادة على العادة، ودقت البشائر وزين البلد وخطب له الخطيب يوم الجمعة على المنبر بحضرة نائب السلطنة والقضاة والدولة وفي صبيحة يوم الخميس تاسع عشر شوال دخل دمشق الأمير سيف الدين منجك على نيابة طرابلس ونزل القصر الأبلق مع الأمير عز الدين أيدمر فأقام أياما عديدة ثم سار إلى بلده بعد أيام. وفي صبيحة يوم الخميس السادس والعشرين منه دخل الأمير سيف الدين طاز من الديار المصرية في جماعة من أصحابه مجتازا إلى نيابة حلب المحروسة، فتلقاه نائب السلطنة إلى قريب من جامع كريم الدين بالقبيبات، وشيعه إلى قريب من باب الفراديس فسار ونزل بوطأة برزة فبات هنالك، ثم أصبح غاديا وقد كان نظير الأمير شيخون ولكن قوى عليه فسيره إلى بلاد حلب، وهو محبب إلى العامة لما له من السعي المشكور في أمور كبار كما تقدم.
[ثم دخلت سنة ست وخمسين وسبعمائة]
استهلت هذه السنة وسلطان الإسلام والمسلمين السلطان الملك الناصر حسن بن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون الصالحي، وليس بالديار المصرية نائب ولا وزير، وقضاتها هم المذكورون في التي قبلها، ونائب دمشق الأمير على المارداني، والقضاة والحاجب والخطيب وكاتب السر هم