لمبارك. وكان الصبيان يصبحون رمصا شعثا ويصبح رسول الله ﷺ دهينا كحيلا.
وقال الحسن بن عرفة حدثنا على بن ثابت عن طلحة بن عمرو سمعت عطاء بن أبى رباح سمعت ابن عباس يقول: كان بنو أبى طالب يصبحون رمصا عمصا ويصبح رسول الله ﷺ صقيلا دهينا وكان أبو طالب يقرب الى الصبيان صفحتهم أول البكرة، فيجلسون وينتهبون ويكف رسول الله ﷺ يده فلا ينتهب معهم. فلما رأى ذلك عمه عزل له طعامه على حدة.
وقال ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه حدثه أن رجلا من لهب كان عائفا فكان إذا قدم مكة أتاه رجال من قريش بغلمانهم ينظر اليهم ويعتاف لهم فيهم. قال فأتى أبو طالب برسول الله ﷺ وهو غلام مع من يأتيه قال فنظر الى رسول الله ﷺ ثم شغله عنه شيء. فلما فرغ قال: الغلام على به. فلما رأى أبو طالب حرصه عليه غيبه عنه فجعل يقول ويلكم ردوا على الغلام الّذي رأيته آنفا فو الله ليكونن له شأن. قال وانطلق به أبو طالب.
[فصل في خروجه ﵊ مع عمه أبى طالب إلى الشام وقصته مع بحيرى الراهب]
قال ابن إسحاق: ثم إن أبا طالب خرج في ركب تاجرا إلى الشام. فلما تهيأ للرحيل وأجمع السير صب به رسول الله ﷺ فيما يزعمون - فرق له أبو طالب وقال والله لأخرجن به معى ولا أفارقه ولا يفارقني أبدا - أو كما قال - فخرج به. فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام وبها راهب يقال له بحيرى في صومعة له. وكان اليه علم أهل النصرانية، ولم يزل في تلك الصومعة منذ قط راهب فيها. اليه يصير علمهم عن كتاب فيما يزعمون. يتوارثونه كابرا عن كابر، فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى - وكانوا كثيرا ما يمرون به فلا يكلمهم ولا يعرض لهم - حتى كان ذلك العام. فلما نزلوا قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا وذلك فيما يزعمون عن شيء رآه وهو في صومعته، يزعمون أنه رأى رسول الله ﷺ في الركب حتى أقبل وغمامة تظلله من بين القوم. ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه. فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله ﷺ حتى استظل تحتها. فلما رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته وقد أمر بطعام فصنع. ثم أرسل اليهم. فقال إني صنعت لكم طعاما يا معشر قريش فأنا أحب أن تحضروا كلكم، كبيركم وصغيركم، وعبدكم وحركم. فقال له رجل منهم والله يا بحيرى إن لك لشأنا اليوم. ما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيرا فما شأنك اليوم؟ قال له بحيرى صدقت قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما فتأكلون منه كلكم فاجتمعوا اليه وتخلف رسول الله ﷺ من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة