إثارة الفتنة، ووقوع الهرج [وسفك الدماء الحرام، ونهب الأموال، وفعل الفواحش مع النساء وغيرهن، وغير ذلك مما كل واحدة فيها من الفساد أضعاف فسقه كما جرى مما تقدم إلى يومنا هذا](١) وأما ما يذكره بعض الناس من أن يزيد لما بلغه خبر أهل المدينة وما جرى عليهم عند الحرة من مسلم بن عقبة وجيشه، فرح بذلك فرحا شديداً، فإنه كان يرى أنه الامام وقد خرجوا عن طاعته، وأمروا عليهم غيره، فله قتالهم حتى يرجعوا إلى الطاعة ولزوم الجماعة، كما أنذرهم بذلك على لسان النعمان بن بشير ومسلم بن عقبة كما تقدم، وقد جاء في الصحيح:«من جاءكم وأمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاقتلوه كائنا من كان». وأما ما يوردونه عنه من الشعر في ذلك واستشهاده بشعر ابن الزبعري في وقعة أحد التي يقول فيها
ليت أشياخى ببدر شهدوا … جزع الخزرج من وقع الأسل
حين حلت بفنائهم برّكها … واستحر القتل في عبد الأشل
قد قتلنا الضعف من أشرافهم … وعدلنا ميل بدر فاعتدل
وقد زاد بعض الروافض فيها فقال: -
لعبت هاشم بالملك فلا … ملك جاءه ولا وحي نزل
فهذا إن قاله يزيد بن معاوية فلعنة الله عليه ولعنة اللاعنين، وإن لم يكن قاله فلعنة الله على من وضعه عليه ليشنع به عليه، وسيذكر في ترجمة يزيد بن معاوية قريبا، وما ذكر عنه وما قيل فيه وما كان يعانيه من الأفعال والقبائح والأقوال في السنة الآتية، فإنه لم يمهل بعد وقعة الحرة وقتل الحسين إلا يسيرا حتى قصمه الله الّذي قصم الجبابرة قبله وبعده، إنه كان عليما قديرا. وقد توفى في هذه السنة خلق من المشاهير والأعيان من الصحابة وغيرهم في وقعة الحرة مما يطول ذكرهم. فمن مشاهيرهم من الصحابة عبد الله بن حنظلة أمير المدينة في وقعة الحرة، ومعقل بن سنان وعبيد الله بن زيد بن عاصم ﵃، ومسروق بن الأجدع.
[ثم دخلت سنة أربع وستين]
ففيها في أول المحرم منها سار مسلم بن عقبة إلى مكة قاصدا قتال ابن الزبير ومن التفّ عليه من الأعراب، على مخالفة يزيد بن معاوية، واستخلف على المدينة روح بن زنباع، فلما بلغ ثنية هرشا بعث إلى رءوس الأجناد فجمعهم، فقال: إن أمير المؤمنين عهد إليّ إن حدث بى حدث الموت أن أستخلف عليكم حصين بن نمير السكونيّ، ووالله لو كان الأمر لي ما فعلت، ثم دعا به فقال: انظر يا ابن بردعة الحمار فاحفظ ما أوصيك به، ثم أمره إذا وصل مكة أن يناجز ابن الزبير قبل ثلاث، ثم