قال البخاري في صحيحه: حدثنا الحسين بن الحارث ثنا الفضل بن موسى ثنا الجعد عن عائشة بنت سعد بن أبى وقاص عن أبيها. قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء».
وقد رواه مسلم من حديث أبى عبد الله القراظ المديني - واسمه دينار - عن سعد بن أبى وقاص أن رسول الله ﷺ قال: «لا يريد أحد المدينة بسوء إلا إذا به الله في النار ذوب الرصاص - أو ذوب الملح في الماء».
وفي رواية المسلم من طريق أبى عبد الله القراظ عن سعد وأبى هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»
وقال الامام أحمد: حدثنا أنس بن عياض ثنا يزيد بن خصيفة عن عطاء بن يسار عن السائب ابن خلاد أن رسول الله ﷺ قال: «من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلا». ورواه النسائي من غير وجه عن على ابن حجر عن إسماعيل بن جعفر عن يزيد بن خصيفة عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبى صعصعة عن عطاء بن يسار عن خلاد بن منجوف بن الخزرج أخبره فذكره. وكذلك رواه الحميدي عن عبد العزيز بن أبى حازم عن يزيد بن خصيفة. ورواه النسائي أيضا عن يحيى بن حبيب بن عربي عن حماد عن يحيى بن سعيد عن مسلم بن أبى مريم عن عطاء بن يسار عن ابن خلاد - وكان من أصحاب النبي ﷺ فذكره.
وقال ابن وهب: أخبرنى حيوة بن شريح عن ابن الهاد عن أبى بكر عن عطاء بن يسار عن السائب بن خلاد، قال سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«من أخاف أهل المدينة أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
وقال الدار قطنى: ثنا على بن أحمد بن القاسم ثنا أبى ثنا سعيد بن عبد الحميد بن جعفر ثنا أبو زكريا يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس الأنصاري عن محمد وعبد الرحمن ابني جابر عبد الله قالا: خرجنا مع أبينا يوم الحرة وقد كف بصره فقال: تعس من أخاف رسول الله ﷺ.
ابن فقلنا: يا أبة وهل أحد يخيف رسول الله ﷺ؟ فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من أخاف أهل هذا الحي من الأنصار فقد أخاف ما بين هذين - ووضع يده على جبينه -» قال الدارقطنيّ:
تفرد به سعد بن عبد العزيز لفظا وإسنادا، وقد استدل بهذا الحديث وأمثاله من ذهب إلى الترخيص في لعنة يزيد بن معاوية وهو رواية عن أحمد بن حنبل اختارها الخلال وأبو بكر عبد العزيز والقاضي أبو يعلى وابنه القاضي أبو الحسين وانتصر لذلك أبو الفرج بن الجوزي في مصنف مفرد، وجوز لعنته.
ومنع من ذلك آخرون وصنفوا فيه أيضا لئلا يجعل لعنه وسيلة إلى أبيه أو أحد من الصحابة، وحملوا ما صدر عنه من سوء التصرفات على أنه تأول وأخطأ، وقالوا: إنه كان مع ذلك إماما فاسقا، والامام إذا فسق لا يعزل بمجرد فسقه على أصح قولي العلماء، بل ولا يجوز الخروج عليه لما في ذلك من