للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه السنة وجه أبو مسلم قحطبة بن شبيب إلى نيسابور لقتال نصر بن سيار، ومع قحطبة جماعة من كبار الأمراء، منهم خالد بن برمك. فالتقوا مع تميم بن نصر بن سيار وقد وجهه أبوه لقتالهم بطوس، فقتل قحطبة من أصحاب نصر نحوا من سبعة عشر ألفا في المعركة، وقد كان أبو مسلم بعث إلى قحطبة مددا نحو عشرة آلاف فارس، عليهم على بن معقل، فاقتتلوا فقتلوا من أصحاب نصر خلقا كثيرا، وقتلوا تميم بن نصر، وغنموا أموالا جزيلة جدا، ثم إن يزيد بن عمر بن هبيرة نائب مروان على العراق بعث سرية مددا لنصر بن سيار، فالتقى معهم قحطبة في مستهل ذي الحجة، وذلك يوم الجمعة، فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزم جند بنى أمية، وقتل من أهل الشام وغيرهم عشرة آلاف، منهم نباتة بن حنظلة عامل جرجان، فبعث قحطبة برأسه إلى أبى مسلم.

ذكر دخول أبى حمزة الخارجي المدينة النبويّة واستيلائه عليها مدة ثلاثة أشهر حتى ارتحل عنها

قال ابن جرير: وفي هذه السنة كانت وقعة بقديد بين أبى حمزة الخارجي الّذي كان عام أول في أيام الموسم، فقتل من أهل المدينة من قريش خلقا كثيرا، ثم دخل المدينة وهرب نائبها عبد الواحد ابن سليمان، فقتل الخارجي من أهلها خلقا، وذلك لتسع عشرة ليلة خلت من صفر من هذه السنة، ثم خطب على منبر رسول الله فوبخ أهل المدينة، فقال: يا أهل المدينة إني مررت بكم أيام الأحول - يعنى هشام بن عبد الملك - وقد أصابتكم عاهة في ثماركم فكتبتم إليه تسألونه أن يضع الخرص عنكم فوضعه، فزاد غنيكم غنى وزاد فقيركم فقرا، فكتبتم إليه جزاك الله خيرا، فلا جزاه الله خيرا. في كلام طويل. فأقام عندهم ثلاثة أشهر بقية صفر وشهري ربيع وبعض جمادى الأول فيما قال الواقدي وغيره. وقد روى المدائني أن أبا حمزة رقى يوما منبر رسول الله ثم قال: تعلمون يا أهل المدينة أنا لم نخرج من بلادنا بطرا ولا أشرا، ولا لدولة نريد أن نخوض فيها النار، وإنما أخرجنا من ديارنا أنا رأينا مصابيح الحق طمست، وضعف القائل بالحق، وقتل القائم بالقسط، فلما رأينا ذلك ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وسمعنا داعيا يدعو إلى طاعة الرحمن، وحكم القرآن، فأجبنا داعي الله ﴿وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ﴾ أقبلنا من قبائل شتى، النفر منا على بعير واحد عليه زادهم وأنفسهم، يتعاورون لحافا واحدا قليلون مستضعفون في الأرض، فآوانا الله وأيدنا بنصره، فأصبحنا والله بنعمة الله إخوانا، ثم لقينا رجالكم بقديد فدعوناهم إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن، ودعونا إلى طاعة الشيطان وحكم بنى مروان، فشتان لعمر الله بين الغي والرشد، ثم أقبلوا نحونا يهرعون قد ضرب الشيطان فيهم بجرانه وغلت بدمائهم مراجله، وصدق عليهم ظنه فاتبعوه، وأقبل أنصار الله عصائب وكتائب، بكل مهند ذي رونق، فدارت رحانا واستدارت رحاهم، بضرب يرتاب منه المبطلون، وأنتم يا أهل المدينة إن تنصروا مروان يسحتكم الله بعذاب من عنده أو

<<  <  ج: ص:  >  >>