للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل العراق، فإذا جاءك كتابي هذا فاجلده مائة ضربة، وقفه للناس، ولا تراني إلا قاتله. فأرسل خلفه فعلمه على بن الحسين (١) كلمات الكرب فقالها حين دخل عليه فنجاه الله منهم، وهي: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلى العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش العظيم. توفى بالمدينة، وكانت أمه خولة بنت منظور الفزاري. وقال يوما لرجل من الرافضة: والله إن قتلك لقربة إلى الله ﷿، فقال له الرجل: إنك تمزح، فقال: والله ما هذا منى بمزح ولكنه الجد. وقال له آخر منهم: ألم يقل رسول الله :

«من كنت مولاه فعلى مولاه»؟. فقال: بلى، ولو أراد الخلافة لخطب الناس فقال: أيها الناس اعلموا أن هذا ولى أمركم من بعدي، وهو القائم عليكم، فاسمعوا له وأطيعوا، والله لئن كان الله ورسوله اختار عليا لهذا الأمر ثم تركه على لكان أول من ترك أمر الله ورسوله، وقال لهم أيضا: والله لئن ولينا من الأمر شيئا لنقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف، ثم لا نقبل لكم توبة، ويلكم غررتمونا من أنفسنا، ويلكم لو كانت القرابة تنفع بلا عمل لنفعت أباه وأمه، لو كان ما تقولون فينا حقا لكان آباؤنا إذ لم يعلمونا بذلك قد ظلمونا وكتموا عنا أفضل الأمور، والله إني لأخشى أن يضاعف العذاب للعاصي منا ضعفين، كما أتى لأرجو للمحسن منا أن يكون له الأجر مرتين، ويلكم أحبونا إن أطعنا الله على طاعته، وأبغضونا إن عصينا الله على معصيته.

[موسى بن نصير أبو عبد الرحمن اللخمي ]

مولاهم، كان مولى لامرأة منهم، وقيل كان مولى لبني أمية، افتتح بلاد المغرب، وغنم منها أموالا لا تعد ولا توصف، وله بها مقامات مشهورة هائلة، ويقال إنه كان أعرج، ويقال إنه ولد في سنة تسع عشرة، وأصله من عين التمر، وقيل إنه من اراشة من بلىّ، سبى أبوه من جبل الخليل من الشام في أيام الصديق، وكان اسم أبيه نصرا فصغر، روى عن تميم الداريّ، وروى عنه ابنه عبد العزيز، ويزيد بن مسروق اليحصبى، وولى غزو البحر لمعاوية، فغزا قبرص، وبنى هنالك حصونا كما لما غوصة وحصن بانس وغير ذلك من الحصون التي بناها بقبرص، وكان نائب معاوية عليها بعد أن فتحها معاوية في سنة سبع وعشرين، وشهد مرج راهط مع الضحاك بن قيس، فلما قتل الضحاك لجأ موسى بن نصير لعبد العزيز بن مروان، ثم لما دخل مروان بلاد مصر كان معه فتركه عند ابنه عبد العزيز، ثم لما أخذ عبد الملك بلاد العراق جعله وزيرا عند أخيه بشر بن مروان.

وكان موسى بن نصير هذا ذا رأى وتدبير وحزم وخبرة بالحرب، قال البغوي (٢). ولى موسى ابن نصير إمرة بلاد إفريقية سنة تسع وسبعين فافتتح بلادا كثيرة جدا مدنا وأقاليم، وقد ذكرنا أنه


(١) كذا بالأصول وقد تقدمت وفاة على بن الحسين قبل هذا.
(٢) في المصرية الفسوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>