للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألم أعط فقراءكم؟ ألم أخدم نساءكم؟ فقال يزيد: إنما ننقم عليك انتهاك المحارم وشرب الخمور ونكاح أمهات أولاد أبيك، واستخفافك بأمر الله ﷿. فقال، حسبك يا أخا السكاسك، لقد أكثرت وأغرقت، وإن فيما أحل الله لي لسعة عما ذكرته. ثم قال: أما والله لئن قتلتموني لا ترتقن فتنتكم ولا يلم شعثكم ولا تجتمع كلمتكم. ورجع إلى القصر فجلس ووضع بين يديه مصحفا فنشره وأقبل يقرأ فيه وقال: يوم كيوم عثمان، واستسلم، وتسور عليه أولئك الحائط، فكان أول من نزل إليه يزيد بن عنبسة، فتقدم إليه وإلى جانبه سيف فقال: نحه عنك، فقال الوليد: لو أردت القتال به لكان غير هذا، فأخذ بيده وهو يريد أن يحبسه حتى يبعث به إلى يزيد بن الوليد، فبادره عليه عشرة من الأمراء فأقبلوا على الوليد يضربونه على رأسه ووجهه بالسيوف حتى قتلوه، ثم جروه برجله ليخرجوه، فصاحت النسوة فتركوه، واحتز أبو علاقة القضاعي رأسه، واحتاطوا على ما كان معه مما كان خرج به في وجهه ذلك، وبعثوا به إلى يزيد مع عشرة نفر، ومنهم منصور بن جمهور وروح بن مقبل وبشر مولى كنانة من بنى كلب، وعبد الرحمن الملقب بوجه الفلس، فلما انتهوا إليه بشروه بقتل الوليد وسلموا عليه بالخلافة، فأطلق لكل رجل من العشرة عشرة آلاف، فقال له روح بن بشر بن مقبل: أبشر يا أمير المؤمنين بقتل الوليد الفاسق، فسجد شكرا لله ورجعت الجيوش إلى يزيد، فكان أول من أخذ يده للمبايعة يزيد بن عنبسة السكسكي فانتزع يده من يده وقال: اللهمّ إن كان هذا رضى لك فأعنى عليه، وكان قد جعل لمن جاءه برأس الوليد مائة ألف درهم، فلما جيء به - وكان ذلك ليلة الجمعة وقيل يوم الأربعاء - لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة. فأمر يزيد بنصب رأسه على رمح وأن يطاف به في البلد، فقيل له إنما ينصب رأس الخارجي، فقال: والله لأنصبنه، فشهره في البلد على رمح ثم أودعه عند رجل شهرا ثم بعث به إلى أخيه سليمان بن يزيد، فقال أخوه بعدالة: أشهد أنك كنت شروبا للخمر ما جنا فاسقا ولقد أرادنى على نفسي هذا الفاسق وأنا أخوه، لم يأنف من ذلك. وقد قيل إن رأسه لم يزل معلقا بحائط جامع دمشق الشرقي مما يلي الصحن حتى انقضت دولة بنى أمية، وقيل إنما كان ذلك أثر دمه، وكان عمره يوم قتل ستا وثلاثين سنة، وقيل ثمانيا وثلاثين، وقيل إحدى وثلاثين، وقيل ثنتان وقيل خمس، وقيل ست وأربعون سنة. ومدة ولايته سنة وستة أشهر على الأشهر، وقيل ثلاثة أشهر. قال ابن جرير: كان شديد البطش طويل أصابع الرجلين، كانت تضرب له سكة الحديد في الأرض ويربط فيها خيط إلى رجله ثم يثب على الفرس فيركبها ولا يمس الفرس، فتنقلع تلك السكة من الأرض مع وثبته.

[خلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان]

وهو الملقب بالناقص لنقصه الناس من أعطياتهم ما كان زاده الوليد بن يزيد في أعطياتهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>