للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ انْضَافُوا إِلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْبِلَادِ حَتَّى دَخَلَ بِلَادَهُمْ فِي عِشْرِينَ أَلْفَ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ، وَحَمَلَ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالْإِدَامَ فِي مَرَاكِبَ سَبْعَةٍ، وأمر الذين هم بها أن يلجوا بها في البحر فيوافوه بِهَا إِذَا تَوَسَّطَ بِلَادَ الْبُجَةِ، ثُمَّ سَارَ حَتَّى دَخَلَ بِلَادَهُمْ وَجَاوَزَ مَعَادِنَهُمْ وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ مَلِكُ الْبُجَةِ- وَاسْمُهُ عَلِي بَابَا- فِي جَمْعٍ عظيم أضعاف من معه مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيِّ، وَهُمْ قَوْمٌ مُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ، فَجَعَلَ الْمَلِكُ يُطَاوِلُ الْمُسْلِمِينَ لعله تنفد أزوارهم فَيَأْخُذُونَهُمْ بِالْأَيْدِي، فَلَمَّا نَفِدَ مَا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ طمع فيهم السودان فيسر اللَّهُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِوُصُولِ تِلْكَ الْمَرَاكِبِ وَفِيهَا مِنَ الطَّعَامِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّيْتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا فَقَسَّمَهُ الْأَمِيرُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِحَسَبِ حَاجَاتِهِمْ، فَيَئِسَ السُّودَانُ مِنْ هَلَاكِ الْمُسْلِمِينَ جُوعًا فَشَرَعُوا فِي التَّأَهُّبِ لِقِتَالِ المسلمين، ومركبهم الإبل شَبِيهَةٍ بِالْهُجُنِ زَعِرَةٍ جِدًّا كَثِيرَةِ النِّفَارِ، لَا تَكَادُ تَرَى شَيْئًا وَلَا تَسْمَعُ شَيْئًا إِلَّا جَفَلَتْ مِنْهُ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْحَرْبِ عَمَدَ أمير المسلمين إِلَى جَمِيعِ الْأَجْرَاسِ الَّتِي مَعَهُمْ فِي الْجَيْشِ فجعلها في رقاب الخيول، فَلَمَّا كَانَتِ الْوَقْعَةُ حَمَلَ الْمُسْلِمُونَ حَمْلَةَ رَجُلٍ واحد، فنفرت بهم إِبِلُهُمْ مِنْ أَصْوَاتِ تِلْكَ الْأَجْرَاسِ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَتَفَرَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ، وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ يَقْتُلُونَ مَنْ شَاءُوا، لَا يَمْتَنِعُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَلَا يعلم عدد من قتلوا مِنْهُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ أَصْبَحُوا وقد اجتمعوا رجالة فكبسهم الْقُمِّيُّ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ فَقَتَلَ عَامَّةَ من بقي منهم وأخذ ملكهم بِالْأَمَانِ، وَأَدَّى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْحِمْلِ، وَأَخَذَهُ مَعَهُ أَسِيرًا إِلَى الْخَلِيفَةِ. وَكَانَتْ هَذِهِ الْوَقْعَةُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَوَلَّاهُ الْخَلِيفَةُ عَلَى بِلَادِهِ كَمَا كَانَ، وَجَعَلَ إِلَى ابْنِ الْقُمِّيِّ أَمْرَ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَالنَّظَرَ فِي أَمْرِهَا وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَمَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفُ بِقَوْصَرَةَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ.

قُلْتُ: وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ نَائِبًا عَلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ من جهة المتوكل. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابن داود، وحج جعفر بن دينار وَهُوَ وَالِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَأَحْدَاثِ الْمَوْسِمِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ ابْنُ جَرِيرٍ لِوَفَاةِ أَحَدٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ في هذه السنة، وقد توفى مِنَ الْأَعْيَانِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَجُبَارَةُ بن المغسل الحماني، وأبو ثوبة الحلبي. وعيسى بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ. وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كاسب. ولنذكر شيئا من

[ترجمة الإمام أحمد بن حنبل]

فَنَقُولُ وباللَّه الْمُسْتَعَانُ: هُوَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ هِلَالِ بْنِ أَسَدِ بْنِ إِدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ عَوْفِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ مَازِنِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ ذُهْلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابَةَ بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلِ بْنِ قَاسِطِ بن هنب بن أقصى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ ربيعة ابن نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ بْنِ أُدِّ بْنِ أُدَدِ بْنِ الْهَمَيْسَعِ بْنِ حَمَلِ بْنِ النَّبْتِ بْنِ قَيْدَارِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ ثُمَّ الْمَرْوَزِيُّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ، هَكَذَا سَاقَ نَسَبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>