للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طاهر وشاعره، كان عالما باللغة وله فيها مصنفات عديدة أورد منها ابن خلكان جملة، ومن شعره يمدح عبد الله بن طاهر:

يا من يحاول أن تكون صفاته … كصفات عبد الله أنصت واسمع

فلأنصحنك في خصال والّذي … حج الحجيج إليه فاسمع أودع

أصدق وعفّ وبرّ واصبر واحتمل … واصفح وكافئ دار وأحلم وأشجع

والطف ولن وتأن وارفق واتئد … واحزم وجد وحام واحمل وادفع

فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي … وهديت للنهج الأسد المهيع

[وأما سحنون المالكي صاحب المدونة]

فهو أبو سعيد عبد السلام بن سعيد بن جندب بن حسان بن هلال بن بكار بن ربيعة التنوخي، أصله من مدينة حمص، فدخل به أبوه مع جندها بلاد المغرب فأقام بها، وانتهت إليه رياسة مذهب مالك هنالك، وكان قد تفقه على ابن القاسم، وسببه أنه قدم أسد بن الفرات صاحب الامام مالك من بلاد العرب إلى بلاد مصر فسأل عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك عن أسئلة كثيرة فأجابه عنها، فعقلها عنه ودخل بها بلاد المغرب فانتسخها منه سحنون، ثم قدم على ابن القاسم مصر فأعاد أسئلته عليه فزاد فيها ونقص، ورجع عن أشياء منها، فرتبها سحنون ورجع بها إلى بلاد المغرب، وكتب معه ابن القاسم إلى أسد بن الفرات أن يعرض نسخته على نسخة سحنون ويصلحها بها فلم يقبل، فدعى عليه ابن القاسم فلم ينتفع به ولا بكتابه، وصارت الرحلة إلى سحنون، وانتشرت عنه المدونة، وساد أهل ذلك الزمان، وتولى القضاء بالقيروان إلى أن توفى في هذه السنة عن ثمانين سنة وإيانا.

[ثم دخلت سنة إحدى وأربعين ومائتين]

في جمادى الأولى أو الآخرة من هذه السنة وثب أهل حمص أيضا على عاملهم محمد بن عبدويه فأرادوا قتله، وساعدهم نصارى أهلها أيضا عليه، فكتب إلى الخليفة يعلمه بذلك، فكتب إليه يأمره بمناهضتهم، وكتب إلى متولى دمشق أن يمده بجيش من عنده ليساعده على أهل حمص، وكتب إليه أن يضرب ثلاثة منهم معروفين بالشر بالسياط حتى يموتوا، ثم يصلبهم على أبواب البلد، وأن يضرب عشرين آخرين منهم كل واحد ثلاثمائة، وأن يرسلهم إلى سامرا مقيدين في الحديد، وأن يخرج كل نصراني بها ويهدم كنيستها العظمى التي إلى جانب المسجد الجامع، وأن يضيفها إليه، وأمر له بخمسين ألف درهم، وللأمراء الذين ساعدوه بصلاة سنية. فامتثل ما أمره به الخليفة فيهم. وفيها أمر الخليفة المتوكل على الله بضرب رجل من أعيان أهل بغداد يقال له عيسى بن

<<  <  ج: ص:  >  >>