للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعفر بن محمد بن عاصم، فضرب ضربا شديدا مبرحا، يقال إنه ضرب ألف سوط حتى مات.

وذلك أنه شهد عليه سبعة عشر رجلا عند قاضى الشرقية أبى حسان الزيادي أنه يشتم أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة . فرفع أمره إلى الخليفة فجاء كتاب الخليفة إلى محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين نائب بغداد يأمره أن يضربه بين الناس حد السب، ثم يضرب بالسياط حتى يموت ويلقى في دجلة ولا يصلى عليه، ليرتدع بذلك أهل الإلحاد والمعاندة. ففعل معه ذلك قبحه الله ولعنه. ومثل هذا يكفر إن كان قد قذف عائشة بالإجماع، وفيمن قذف سواها من أمهات المؤمنين قولان، والصحيح أنه يكفر أيضا، لأنهن أزواج رسول الله ورضى عنهن.

قال ابن جرير: وفي هذه السنة انقضت الكواكب ببغداد وتناثرت، وذلك ليلة الخميس لليلة خلت من جمادى الآخرة. قال: وفيها مطر الناس في آب مطرا شديدا جدا. قال: وفيها مات من الدواب شيء كثير ولا سيما البقر. قال: وفيها أغارت الروم على عين زربة فأسروا من بها من الزط وأخذوا نساءهم وذراريهم ودوابهم. قال: وفيها كان الفداء بين المسلمين والروم في بلاد طرسوس بحضرة قاضى القضاة جعفر بن عبد الواحد، عن إذن الخليفة له في ذلك، واستنابته ابن أبى الشوارب.

وكانت عدة الأسرى من المسلمين سبعمائة وخمسة وثمانين رجلا، ومن النساء مائة وخمسا وعشرين امرأة، وقد كانت أم الملك تدورة لعنها الله عرضت النصرانية على من كان في يدها من الأسارى، وكانوا نحوا من عشرين ألفا فمن أجابها إلى النصرانية وإلا قتلته، فقتلت اثنى عشر ألفا وتنصر بعضهم، وبقي منهم هؤلاء الذين فودوا وهم قريب من التسعمائة رجالا ونساء.

وفيها أغارت البجة على جيش من أرض مصر، وقد كانت البجة لا يغزون المسلمين قبل ذلك، لهدنة كانت لهم من المسلمين، فنقضوا الهدنة وصرحوا بالخلاف. والبجة طائفة من سودان بلاد المغرب، وكذا النوبة وشنون وزغرير ويكسوم وأمم كثيرة لا يعلمهم إلا الله. وفي بلاد هؤلاء معادن الذهب والجوهر، وكان عليهم حمل في كل سنة إلى ديار مصر من هذه المعادن، فلما كانت دولة المتوكل امتنعوا من أداء ما عليهم سنين متعددة، فكتب نائب مصر - وهو يعقوب بن إبراهيم الباذغيسي مولى الهادي وهو المعروف بقوصرة - بذلك كله إلى المتوكل، فغضب المتوكل من ذلك غضبا شديدا، وشاور في أمر البجة فقيل له: يا أمير المؤمنين إنهم قوم أهل إبل وبادية، وإن بلادهم بعيدة ومعطشة، ويحتاج الجيش الذاهبون إليها أن يتزودوا لمقامهم بها طعاما وماء، فصده ذلك عن البعث إليهم، ثم بلغه أنهم يغيرون على أطراف الصعيد، ويخشى أهل مصر على أولادهم منهم، فجهز لحربهم محمد بن عبد الله القمي، وجعل إليه نيابة تلك البلاد كلها المتاخمة لأرضهم، وكتب إلى عمال مصر أن يعينوه بكل ما يحتاج إليه من الطعام وغير ذلك، فتخلص وتخلص معه من الجيوش

<<  <  ج: ص:  >  >>