بسم الله الرحمن الرحيم وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[غزوة الفتح الأعظم وكانت في رمضان سنة ثمان]
وقد ذكرها الله تعالى في القرآن في غير موضع فقال تعالى ﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى﴾ الآية.
وقال تعالى ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاِسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً﴾.
وكان سبب الفتح بعد هدنة الحديبيّة ما ذكره محمد بن إسحاق حدثني الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم انهما حدثاه جميعا قالا: كان في صلح الحديبيّة أنه من شاء أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل، ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم [فتواثبت خزاعة وقالوا نحن ندخل في عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر وقالوا نحن ندخل في عقد قريش وعهدهم] فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرا ثم إن بنى بكر وثبوا على خزاعة ليلا بماء يقال له الوتير وهو قريب من مكة، وقالت قريش ما يعلم بنا محمد وهذا الليل وما يرانا من أحد، فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح وقاتلوهم معهم للضغن على رسول الله ﷺ،
وأن عمرو بن سالم ركب عند ما كان من أمر خزاعة وبنى بكر بالوتير حتى قدم على رسول الله ﷺ يخبر الخبر وقد قال أبيات شعر، فلما قدم على رسول الله ﷺ أنشدها إياه:
يا رب إني ناشد محمدا … حلف أبيه وأبينا الأتلدا
قد كنتموا ولدا وكنا والدا … ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا
فانصر رسول الله نصرا أبدا … وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا … إن سيم خسفا وجهه تربدا
في فيلق كالبحر يجرى مزبدا … إن قريشا أخلفوك الموعدا
ونقضوا ميثاقك المؤكدا … وجعلوا لي في كداء رصدا
وزعموا أن لست أدعو أحدا … فهم أذل وأقل عددا
هم بيتونا بالوتير هجدا … وقتلونا ركعا وسجدا
فقال رسول الله ﷺ «نصرت يا عمرو بن سالم» فما برح حتى مرت بنا عنانة في السماء فقال