خيثمة زهير بن معاوية الجعفي الكوفي عن أبى الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكيّ عن جابر بن عبد الله الأنصاري به.
قلت: ومقتضى أكثر هذه السياقات أن هذه السرية كانت قبل صلح الحديبيّة ولكن أوردناها هاهنا تبعا للحافظ البيهقي ﵀ فإنه أوردها بعد مؤتة وقبل غزوة الفتح والله أعلم. وقد
ذكر البخاري بعد غزوة مؤتة سرية أسامة بن زيد الى الحرقات من جهينة فقال حدثنا عمرو بن محمد ثنا هشيم انبأنا حصين بن جندب ثنا أبو ظبيان قال سمعت أسامة بن زيد يقول: بعثنا رسول الله ﷺ الى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا إله الا الله، فكف الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي ﷺ فقال «يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله الا الله؟» قلت كان متعوذا، فما زال يكررها حتى تمنيت أنى لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. وقد تقدم هذا الحديث والكلام عليه فيما سلف. ثم روى البخاري من حديث يزيد بن أبى عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: غزوت مع رسول الله ﷺ سبع غزوات وخرجت فيما يبعث من البعوث تسع غزوات علينا مرة أبو بكر ومرة أسامة بن زيد ﵄. ثم ذكر الحافظ البيهقي هاهنا موت النجاشي صاحب الحبشة على الإسلام ونعى رسول الله ﷺ له الى المسلمين وصلاته عليه. فروى من طريق مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة أن رسول الله ﷺ نعى الى الناس النجاشي في اليوم الّذي مات فيه، وخرج بهم الى المصلّى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات أخرجاه من حديث مالك وأخرجاه أيضا من حديث الليث عن عقيل عن الزهري عن سعيد وأبى سلمة عن أبى هريرة بنحوه.
وأخرجاه من حديث ابن جريج عن عطاء عن جابر قال قال رسول الله ﷺ«مات اليوم رجل صالح فصلوا على أصخمة» وقد تقدمت هذه الأحاديث أيضا والكلام عليها ولله الحمد.
قلت: والظاهر أن موت النجاشي كان قبل الفتح بكثير فان في صحيح مسلم أنه لما كتب إلى ملوك الآفاق كتب إلى النجاشي وليس هو بالمسلم، وزعم آخرون كالواقدى أنه هو والله أعلم.
وروى الحافظ البيهقي من طريق مسلم بن خالد الزنجي عن موسى بن عقبة عن أبيه عن أم كلثوم قالت: لما تزوج النبي ﷺ أم سلمة قال «قد أهديت الى النجاشي أواق من مسك وحلة وإني لأراه قد مات، ولا أرى الهدية إلا سترد على فان ردت على - أظنه قال - قسمتها بينكن أو فهي لك» قال فكان كما قال رسول الله ﷺ، مات النجاشي وردت الهدية فلما ردت عليه أعطى امرأة من نسائه أوقية، من ذلك المسك، وأعطى سائره أم سلمة، وأعطاها الحلة والله أعلم.