للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْوَالَ مخيريق- وكانت سبع حوائط- أوقافا بالمدينة للَّه قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَكَانَتْ أَوَّلَ وَقْفٍ بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ حَدِّثُونِي عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَمْ يُصَلِّ قَطُّ فَإِذَا لَمْ يَعْرِفْهُ النَّاسُ سَأَلُوهُ مَنْ هُوَ فَيَقُولُ أُصَيْرِمُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ عمرو بن ثابت ابن وقش قال الحصين فقلت لمحمود بن أسد كَيْفَ كَانَ شَأْنُ الْأُصَيْرِمِ؟ قَالَ كَانَ يَأْبَى الْإِسْلَامَ عَلَى قَوْمِهِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ بَدَا لَهُ فَأَسْلَمَ ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ فَغَدَا حَتَّى دَخَلَ فِي عَرْضِ النَّاسِ فَقَاتَلَ حَتَّى أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ قَالَ فَبَيْنَمَا رِجَالٌ مِنْ بَنِي عبد الأشهل يتمسون قَتْلَاهُمْ فِي الْمَعْرَكَةِ إِذَا هُمْ بِهِ فَقَالُوا وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَلْأُصَيْرِمُ مَا جَاءَ بِهِ لَقَدْ تَرَكْنَاهُ وَإِنَّهُ لِمُنْكِرٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا [مَا جَاءَ بِكَ يَا عَمْرُو] أَحَدَبٌ عَلَى قَوْمِكَ أَمْ رَغْبَةٌ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ بَلْ رَغْبَةٌ فِي الْإِسْلَامِ آمَنْتُ باللَّه وَبِرَسُولِهِ وَأَسْلَمْتُ ثُمَّ أَخَذْتُ سَيْفِي وَغَدَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ فِي أَيْدِيهِمْ فَذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ قَالُوا كَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ رَجُلًا أَعْرَجَ شَدِيدَ الْعَرَجِ وَكَانَ لَهُ بَنُونَ أَرْبَعَةٌ مِثْلُ الْأُسْدِ يَشْهَدُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشَاهِدَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَرَادُوا حَبْسَهُ وَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَذَرَكَ فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ان بنى يزيدون أَنْ يَحْبِسُونِي عَنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالْخُرُوجِ مَعَكَ فيه فو الله انى لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الْجَنَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَّا أَنْتَ فَقَدَ عَذَرَكَ اللَّهُ فَلَا جِهَادَ عَلَيْكَ» وَقَالَ لِبَنِيهِ «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَمْنَعُوهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ الشَّهَادَةَ» فَخَرَجَ مَعَهُ فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَوَقَعَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ- كَمَا حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ- وَالنِّسْوَةُ اللَّائِي مَعَهَا يُمَثِّلْنَ بِالْقَتْلَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يجد عن الآذان ولا نوف حتى اتخذت هند من آذان الرجل وأنوفهم خدما وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وقرطها وَحْشِيًّا. وَبَقَرَتْ عَنْ كَبِدِ حَمْزَةَ فَلَاكَتْهَا فَلَمْ تستطع أن تسيغها فلفظتها. وذكر موسى ابن عقبة ان الّذي بقر عن كَبِدَ حَمْزَةَ وَحْشِيٌّ فَحَمَلَهَا إِلَى هِنْدٍ فَلَاكَتْهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُسِيغَهَا فاللَّه أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ عَلَتْ عَلَى صَخْرَةٍ مُشْرِفَةٍ فصرخت بأعلى صوتها فقالت:

نحن جزينا كم بِيَوْمِ بَدْرٍ ... وَالْحَرْبُ بَعْدَ الْحَرْبِ ذَاتُ سُعْرِ

مَا كَانَ لِي عَنْ عُتْبَةَ مِنْ صَبْرِ ... ولا أخى وعمه وبكر

شَفَيْتُ نَفْسِي وَقَضَيْتُ نَذْرِي ... شَفَيْتَ وَحْشِيُّ غَلِيلَ صَدْرِي

فَشُكْرُ وَحْشِيٍّ عَلَيَّ عُمْرِي ... حَتَّى تَرِمَّ أَعْظُمِي فِي قَبْرِي

قَالَ فَأَجَابَتْهَا هِنْدُ بِنْتُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>