للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظير فيه. قال المعتصم: إن إسحاق إذا غنى يخيل لي أنه قد زيد في ملكي. وقال المأمون: لولا اشتهاره بالغناء لوليته القضاء لما أعلمه من عفته ونزاهته وأمانته. وله شعر حسن وديوان كبير، وكانت عنده كتب كثيرة من كل فن. توفى في هذه السنة وقيل في التي قبلها، وقيل في التي بعدها.

وقد ترجمه ابن عساكر ترجمة حافلة وذكر عنه أشياء حسنة وأشعارا رائقة وحكايات مدهشة يطول استقصاؤها. فمن غريب ذلك أنه غنى يوما يحيى بن خالد بن برمك فوقع له بألف ألف ووقع له ابنه جعفر بمثلها، وابنه الفضل بمثلها، في حكايات طويلة.

وفيها توفى شريح بن يونس. وشيبان بن فروخ. وعبيد الله بن عمر القواريري. وأبو بكر بن أبى شيبة أحد الأعلام وأئمة الإسلام وصاحب المصنف الّذي لم يصنف أحد مثله قط لا قبله ولا بعده.

[ثم دخلت سنة ست وثلاثين ومائتين]

فيها أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن على بن أبى طالب وما حوله من المنازل والدور، ونودي في الناس من وجد هنا بعد ثلاثة أيام ذهبت به إلى المطبق. فلم يبق هناك بشر، واتخذ ذلك الموضع مزرعة تحرث وتستغل. وفيها حج بالناس محمد بن المنتصر بن المتوكل. وفيها توفى محمد بن إبراهيم ابن مصعب سمه ابن أخيه محمد بن إسحاق بن إبراهيم، وكان محمد بن إبراهيم هذا من الأمراء الكبار. وفيها توفى الحسن بن سهل الوزير والد بوران زوجة المأمون التي تتقدم ذكرها، وكان من سادات الناس، ويقال إن إسحاق بن إبراهيم المغنى توفى في هذه السنة فالله أعلم. وفيها توفى أبو سعيد محمد بن يوسف المروزي فجأة، فولى ابنه يوسف مكانه على نيابة أرمينية. وفيها توفى إبراهيم بن المنذر الحرابى. ومصعب بن عبد الله الزبيري. وهدبة بن خالد القيسي. وأبو الصلت الهروي أحد الضعفاء.

[ثم دخلت سنة سبع وثلاثين ومائتين]

فيها قبض يوسف بن محمد بن يوسف نائب أرمينية على البطريق الكبير بها وبعثه إلى نائب الخليفة، واتفق بعد بعثه إياه أن سقط ثلج عظيم على تلك البلاد، فتحزب أهل تلك الطريق وجاءوا فحاصروا البلد التي بها يوسف فخرج إليهم ليقاتلهم فقتلوه وطائفة كبيرة من المسلمين الذين معه وهلك كثير من الناس من شدة البرد، ولما بلغ المتوكل ما وقع من هذا الأمر الفظيع أرسل إلى أهل تلك الناحية بغا الكبير في جيش كثيف جدا فقتل من أهل تلك الناحية ممن حاصر المدينة نحوا من ثلاثين ألفا وأسر منهم طائفة كبيرة، ثم سار إلى بلاد ألباق من كور البسفرّجان وسلك إلى مدن كثيرة كبار ومهد الممالك ووطد البلاد والنواحي. وفي صفر منها غضب المتوكل على ابن أبى دؤاد القاضي المعتزلي وكان على المظالم، فعزله عنها واستدعى بيحيى بن أكثم فولاه قضاء القضاة والمظالم أيضا. وفي ربيع الأول أمر الخليفة بالاحتياط على ضياع ابن أبى دؤاد وأخذ ابنه أبا الوليد محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>