الصباغ في مسائله، والشيخ أبى حامد في تعليقته، وصنف فيه ابن المسلمة جزءا منفردا للرد عليه، وقد تحركوا به بعد السبعمائة وأظهروا كتابا فيه نسخة ما ذكره الأصحاب في كتبهم، وقد وقفت عليه فإذا هو مكذوب، فان فيه شهادة سعد بن معاذ وقد كان مات قبل زمن خيبر، وفيه شهادة معاوية بن أبى سفيان ولم يكن أسلم يومئذ، وفي آخره وكتبه على بن أبو طالب وهذا لحن وخطأ، وفيه وضع الجزية ولم تكن شرعت بعد، فإنها إنما شرعت أول ما شرعت وأخذ من أهل نجران. وذكروا أنهم وفدوا في حدود سنة تسع والله أعلم.
ثم قال ابن إسحاق: وحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن ابن عمر قال: خرجت أنا والزبير ابن العوام والمقداد بن الأسود الى أموالنا بخيبر نتعاهدها، فلما قدمنا تفرقنا في أموالنا، قال فعدى على تحت الليل وأنا نائم على فراشي ففدعت (١) يداي من مرفقى، فلما استصرخت على صاحباي فأتيانى فسألاني من صنع هذا بك؟ فقلت لا أدرى فأصلحا من يدي ثم قدما بى على عمر، فقال هذا عمل يهود خيبر. ثم قام في الناس خطيبا فقال: أيها الناس إن رسول الله ﷺ كان عامل يهود خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا، وقد عدوا على عبد الله بن عمر ففدعوا يديه كما بلغكم مع عدوتهم على الأنصاري قبله لا نشك أنهم كانوا أصحابه ليس لنا هناك عدو غيرهم، فمن كان له مال من خيبر فليلحق به فانى مخرج يهود فأخرجهم.
قلت: كان لعمر بن الخطاب سهمه الّذي بخيبر وقد كان وقفه في سبيل الله وشرط في الوقف ما أشار به رسول الله ﷺ كما هو ثابت في الصحيحين، وشرط أن يكون النظر فيه للأرشد فالأرشد من بناته وبنيه.
قال الحافظ البيهقي في الدلائل: جماع أبواب السرايا التي تذكر بعد فتح خيبر وقبل عمرة القضية وإن كان تاريخ بعضها ليس بالواضح عند أهل المغازي.
[سرية أبى بكر الصديق الى بنى فزارة]
قال الامام احمد: حدثنا بهز ثنا عكرمة بن عمار ثنا إياس بن سلمة حدثني أبى قال: خرجنا مع أبى بكر [ابن] أبى قحافة وأمّره رسول الله ﷺ علينا فغزونا بنى فزارة، فلما دنونا من الماء أمرنا أبو بكر فعرسنا، فلما صلينا الصبح أمرنا أبو بكر فشننا الغارة فقتلنا على الماء من مر قبلنا، قال سلمة ثم نظرت الى عنق من الناس فيه من الذرية والنساء نحو الجبل وأنا أعدو في آثارهم فخشيت أن يسبقوني الى الجبل فرميت بسهم فوقع بينهم وبين الجبل، قال فجئت بهم أسوقهم الى أبى بكر حتى أتيته على الماء وفيهم امرأة من فزارة عليها قشع من أدم ومعها ابنة لها من أحسن العرب، قال فنفلنى أبو بكر بنتها،
(١) الفدع محركة اعوجاج الرسغ من اليد أو الرجل حتى ينقلب الكف أو القدم الى انسيها.