للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مُعَاذٍ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ:

وَمَا اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ مِنْ مَوْتِ هَالِكٍ ... سَمِعْنَا بِهِ إِلَّا لِسَعْدٍ أَبِي عَمْرٍو

قَالَ: وَقَالَتْ أُمُّهُ يَعْنِي كُبَيْشَةَ بِنْتَ رَافِعِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخُدْرِيَّةَ الْخَزْرَجِيَّةَ حِينَ احْتُمِلَ سَعْدٌ عَلَى نَعْشِهِ تَنْدُبُهُ:

وَيْلُ امِّ سَعْدٍ سَعْدَا ... صَرَامَةً وَحَدَّا

وَسُؤْدُدًا وَمَجْدَا ... وفارسا معدا

سد به مسدا ... يقدّها ما قَدَّا

قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كُلُّ نَائِحَةٍ تَكْذِبُ إِلَّا نَائِحَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» قُلْتُ: كَانَتْ وَفَاتُهُ بَعْدَ انْصِرَافِ الْأَحْزَابِ بِنَحْوٍ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، إذ كان قُدُومُ الْأَحْزَابِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَأَقَامُوا قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحِصَارِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَقَامَ عَلَيْهِمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ فَمَاتَ بَعْدَ حُكْمِهِ عَلَيْهِمْ بِقَلِيلٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ أَوَائِلِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: إِنَّ فَتْحَ بَنِي قُرَيْظَةَ كَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَصَدْرِ ذِي الْحِجَّةِ قَالَ: وَوَلِيَ تِلْكَ الْحِجَّةَ الْمُشْرِكُونَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَرْثِي سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

لَقَدْ سَجَمَتْ مِنْ دَمْعِ عَيْنِيَ عَبْرَةٌ ... وَحُقَّ لِعَيْنِي أَنْ تَفِيضَ عَلَى سَعْدٍ

قَتِيلٌ ثَوَى فِي مَعْرَكٍ فُجِعَتْ بِهِ ... عُيُونٌ ذَوَارِي الدَّمْعِ دَائِمَةُ الْوَجْدِ

عَلَى مِلَّةِ الرَّحْمَنِ وَارِثِ جَنَّةٍ ... مَعَ الشُّهَدَاءِ وَفْدُهَا أكرم الوفد

فان تك قد وعدتنا وَتَرَكْتَنَا ... وَأَمْسَيْتَ فِي غَبْرَاءَ مُظْلِمَةِ اللَّحْدِ

فَأَنْتَ الَّذِي يَا سَعْدُ أُبْتَ بِمَشْهَدٍ ... كَرِيمٍ وَأَثْوَابِ المكارم والمجد

بِحُكْمِكَ فِي حَيَّيْ قُرَيْظَةَ بِالَّذِي ... قَضَى اللَّهُ فِيهِمْ مَا قَضَيْتَ عَلَى عَمْدِ

فَوَافَقَ حُكْمَ اللَّهِ حُكْمُكَ فِيهِمُ ... وَلَمْ تَعْفُ إِذْ ذُكِّرْتَ مَا كَانَ مِنْ عَهْدِ

فَإِنْ كَانَ رَيْبُ الدَّهْرِ أَمْضَاكَ فِي الْأُلَى ... شَرَوْا هَذِهِ الدُّنْيَا بِجَنَّاتِهَا الْخُلْدِ

فَنِعْمَ مَصِيرُ الصَّادِقِينَ إِذَا دُعُوا ... الى الله يوما للوجاهة والقصد

<<  <  ج: ص:  >  >>