للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه. فلما انفصل بجكم بالجنود بلغه ما يريده البريدي من المكيدة به، فرجع سريعا إلى بغداد، وركب في جيش كثيف إليه وأخذ الطرق عليه من كل جانب، لئلا يشعر به إلا وهو عليه. فاتفق أن بجكما كان راكبا في زورق وعنده كاتب له إذ سقطت حمامة في ذنبها كتاب فأخذه بجكم فقرأه فإذا فيه كتاب من هذا الكاتب إلى أصحاب البريدي يعلمهم بخبر بجكم، فقال له بجكم: ويحك هذا خطك؟ قال: نعم! ولم يقدر أن ينكر، فأمر بقتله فقتل وألقى في دجلة. ولما شعر البريدي بقدوم بجكم هرب إلى البصرة ولم يقم بها أيضا بل هرب منها إلى غيرها. واستولى بجكم على بلاد واسط، وتسلط الديلم على جيشه الذين خلفهم بالجبل ففروا سراعا إلى بغداد. وفيها استولى محمد بن رائق على بلاد الشام فدخل حمص أولا فأخذها، ثم جاء إلى دمشق وعليها بدر بن عبد الله الإخشيد المعروف ببدر الإخشيد وهو محمد بن طغج، فأخرجه ابن رائق من دمشق قهرا واستولى عليها. ثم ركب ابن رائق في جيش إلى الرملة فأخذها، ثم إلى عريش مصر فأراد دخولها فلقيه محمد بن طغج الإخشيد فاقتتلا هناك فهزمه ابن رائق واشتغل أصحابه بالنهب ونزلوا بخيام المصريين، فكر عليهم المصريون فقتلوهم قتلا عظيما، وهرب ابن رائق في سبعين رجلا من أصحابه، فدخل دمشق في أسوإ حال وشرها، وأرسل له ابن طغج أخاه نصر بن طغج في جيش فاقتتلوا عند اللجون في رابع ذي الحجة، فهزم ابن رائق المصريين وقتل أخو الإخشيد فيمن قتل، فغسله ابن رائق وكفنه وبعث به إلى أخيه بمصر وأرسل معه ولده وكتب إليه يحلف أنه ما أراد قتله، ولقد شق عليه، وهذا ولدى فاقتد منه. فأكرم الإخشيد ولد محمد بن رائق، واصطلحا على أن تكون الرملة وما بعدها إلى ديار مصر للإخشيد، ويحمل إليه الإخشيد في كل سنة مائة ألف دينار وأربعين ألف دينار، وما بعد الرملة إلى جهة دمشق تكون لابن رائق.

[وفيها توفى من الأعيان.]

[أبو محمد جعفر المرتعش]

أحد مشايخ الصوفية، كذا ذكره الخطيب. وقال أبو عبد الرحمن السلمي: اسمه عبد الله بن محمد أبو محمد النيسابورىّ، كان من ذوى الأموال فتخلى منها وصحب الجنيد وأبا حفص وأبا عثمان، وأقام ببغداد حتى صار شيخ الصوفية، فكان يقال عجائب بغداد إشارات الشبلي، ونكت المرتعش، وحكايات جعفر الخواص. سمعت أبا جعفر الصائغ يقول قال المرتعش: من ظن أن أفعاله تنجيه من النار أو تبلغه الرضوان فقد جعل لنفسه وفعله خطرا، ومن اعتمد على فضل الله بلغه الله أقصى منازل الرضوان. وقيل للمرتعش: إن فلانا يمشى على الماء. فقال إن مخالفة الهوى أعظم من المشي على الماء، والطيران في الهواء. ولما حضرته الوفاة بمسجد الشونيزية حسبوا ما عليه من الدين فإذا عليه سبعة عشر درهما، فقال: بيعوا خريقاتى هذه واقضوا بها ديني، وأرجو من الله تعالى أن يرزقني

<<  <  ج: ص:  >  >>