للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبى سعيد الماليني عن ابن عدي عن أبى القاسم البغوي عن أبى الربيع الزهراني عن حماد بن زيد عن بقية بن الوليد عن معاذ بن رفاعة عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري ح. قال البغوي: وحدثني زياد بن أيوب حدثنا مبشر عن معاذ عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري ح.

قال البغوي قال قال رسول الله : «يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين». وهذا الحديث مرسل وإسناده فيه ضعف. والعجب أن ابن عبد البر صححه واحتج به على عدالة كل من حمل العلم، والامام أحمد من أئمة أهل العلم وأكرم مثواه.

[ذكر ما كان من أمر الامام أحمد بعد المحنة]

حين خرج من دار الخلافة صار إلى منزله فدووي حتى برأ ولله الحمد، ولزم منزله فلا يخرج منه إلى جمعة ولا جماعة، وامتنع من التحديث، وكانت غلته من ملك له في كل شهر سبعة عشر درهما ينفقها على عياله ويتقنّع بذلك صابرا محتسبا. ولم يزل كذلك مدة خلافة المعتصم، وكذلك في أيام ابنه محمد الواثق، فلما ولى المتوكل على الله الخلافة استبشر الناس بولايته، فإنه كان محبا للسنة وأهلها، ورفع المحنة عن الناس، وكتب إلى الآفاق لا يتكلم أحد في القول بخلق القرآن، ثم كتب إلى نائبة ببغداد - وهو إسحاق بن إبراهيم - أن يبعث بأحمد بن حنبل إليه، فاستدعى إسحاق بالإمام أحمد إليه فأكرمه وعظمه، لما يعلم من إعظام الخليفة له وإجلاله إياه، وسأله فيما بينه وبينه عن القرآن فقال له أحمد: سؤالك هذا سؤال تعنت أو استرشاد. فقال: بل سؤال استرشاد. فقال: هو كلام الله منزل غير مخلوق، فسكن إلى قوله في ذلك، ثم جهزه إلى الخليفة إلى سرمن رأى ثم سبقه إليه.

وبلغه أن أحمد اجتاز بابنه محمد بن إسحاق فلم يأته ولم يسلم عليه، فغضب إسحاق بن إبراهيم من ذلك وشكاه إلى الخليفة فقال المتوكل: يرد وإن كان قد وطئ بساطي، فرجع الامام أحمد من الطريق إلى بغداد. وقد كان الامام أحمد كارها لمجيئه إليهم ولكن لم يهن ذلك على كثير من الناس وإنما كان رجوعه عن قول إسحاق بن إبراهيم الّذي كان هو السبب في ضربه. ثم إن رجلا من المبتدعة يقال له ابن البلخي وشى إلى الخليفة شيئا فقال: إن رجلا من العلويين قد أوى إلى منزل أحمد بن حنبل وهو يبايع له الناس في الباطن. فأمر الخليفة نائب بغداد أن يكبس منزل أحمد من الليل.

فلم يشعروا إلا والمشاعل قد أحاطت بالدار من كل جانب حتى من فوق الأسطحة، فوجدوا الامام أحمد جالسا في داره مع عياله فسألوه عما ذكر عنه فقال: ليس عندي من هذا علم، وليس من هذا شيء ولا هذا من نيتي، وإني لأرى طاعة أمير المؤمنين في السر والعلانية، وفي عسري ويسرى ومنشطى ومكرهى، وأثره على، وإني لأدعو الله له بالتسديد والتوفيق، في الليل والنهار، في كلام كثير. ففتشوا منزله حتى مكان الكتب وبيوت النساء والأسطحة وغيرها فلم يروا شيئا. فلما بلغ

<<  <  ج: ص:  >  >>