للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منازلهم على دجلة عند الموصل، وقيل على الفرات، فأغارت على بلادهم الروم فأسرته وهو صغير، فأقام عندهم حينا ثم اشترته بنو كلب فحملوه إلى مكة فابتاعه عبد الله بن جدعان فأعتقه وأقام بمكة حينا، فلما بعث رسول الله آمن به، وكان ممن أسلم قديما هو وعمار في يوم واحد بعد بضعة وثلاثين رجلا، وكان من المستضعفين الذين يعذبون في الله ﷿، ولما هاجر رسول الله هاجر صهيب بعده بأيام فلحقه قوم من المشركين يريدون أن يصدوه عن الهجرة، فلما أحس بهم نثل كنانته فوضعها بين يديه وقال: والله لقد علمتم أنى من أرماكم، ووالله لا تصلون إلى حتى أقتل بكل سهم من هذه رجلا منكم، ثم أقاتلكم بسيفي حق أقتل. وإن كنتم تريدون المال فأنا أدلكم على مالي هو مدفون في مكان كذا وكذا، فانصرفوا عنه فأخذوا ماله،

فلما قدم قال له رسول الله :

«ربح البيع أبا يحيى» وأنزل الله ﴿وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ﴾ ورواه حماد بن سلمة عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب، وشهد بدرا وأحدا وما بعدهما، ولما جعل عمر الأمر شورى كان هو الّذي يصلى بالناس حتى تعين عثمان، وهو الّذي ولى الصلاة على عمر - وكان له صاحبا - وكان أحمر شديد الحمرة ليس بالطويل ولا بالقصير أقرن الحاجبين كثير الشعر وكان لسانه في عجمة شديدة، وكان مع فضله ودينه فيه دعابة وفكاهة وانشراح،

روى أن رسول الله رآه يأكل بقثاء رطبا وهو أرمد إحدى العينين، فقال: «أتأكل رطبا وأنت أرمد»؟ فقال: إنما آكل من ناحية عيني الصحيحة، فضحك رسول الله . وكانت وفاته بالمدينة سنة ثمان وثلاثين، وقيل سنة تسع وثلاثين، وقد نيف على السبعين.

[محمد بن أبى بكر الصديق]

ولد في حياة النبي في حجة الوداع تحت الشجرة عند الحرم وأمه أسماء بنت عميس، ولما احتضر الصديق أوصى أن تغسله فغسلته، ثم لما انفضت عدتها تزوجها على فنشأ في حجره، فلما صارت إليه الخلافة استنابه على بلاد مصر بعد قيس بن سعد بن عبادة كما قدمنا، فلما كانت هذه السنة بعث معاوية عمرو بن العاص فاستلب منه بلاد مصر وقتل محمد بن أبى بكر كما تقدم، وله من العمر دون الثلاثين، ورضى عنه.

[أسماء بنت عميس]

ابن معبد بن الحارث الخثعمية، أسلمت بمكة وهاجرت مع زوجها جعفر بن أبى طالب إلى الحبشة وقدمت معه إلى خيبر، ولها منه عبد الله، ومحمد، وعون. ولما قتل جعفر بموتة تزوجها بعده أبو بكر الصديق فولدت منه محمد بن أبى بكر أمير مصر ثم لما مات الصديق تزوجها بعده على بن أبى طالب فولدت له يحيى وعونا، وهي أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين لأمها. وكذلك هي أخت أم

<<  <  ج: ص:  >  >>