أن القومة اشعلوا شمعتين كبيرتين فمالتا في الليل على التأزير، ونفذت النار منه إلى غيره حتى كان ما كان. وفي هذا الشهر أيضا احترقت دار القطن ببغداد وأماكن كثيرة بباب البصرة، واحترق جامع سامرا. وفيها ورد الخبر بتشعيث الركن اليماني من المسجد الحرام، وسقوط جدار بين يدي قبر الرسول ﷺ بالمدينة، وأنه سقطت القبة الكبيرة على صخرة بيت المقدس، وهذا من أغرب الاتفاقات وأعجبها. وفي هذه السنة قتلت الشيعة الذين ببلاد إفريقية ونهبت أموالهم، ولم يترك منهم إلا من لا يعرف. وفيها كان ابتداء دولة العلويين ببلاد الأندلس، وليها على بن حمود بن أبى العيس العلويّ، فدخل قرطبة في المحرم منها، وقتل سليمان بن الحكم الأموي، وقتل أباه أيضا، وكان شيخا صالحا، وبايعه الناس وتلقب بالمتوكل على الله، ثم قتل في الحمام في ثامن ذي القعدة منها عن ثمان وأربعين سنة، وقام بالأمر من بعده أخوه القاسم بن حمود، وتلقب بالمأمون، فأقام في الملك ست سنين، ثم قام ابن أخيه يحيى بن إدريس، ثم ملك الأمويون حتى ملك أمر المسلمين على بن يوسف ابن تاشفين. وفيها ملك محمود بن سبكتكين بلاد خوارزم بعد ملكها خوارزم شاه مأمون بن مأمون وفيها استوزر سلطان الدولة أبا الحسن على بن الفضل الرامهرمزيّ، عوضا عن فخر الملك، وخلع عليه. ولم يحج أحد في هذه السنة من بلاد المغرب لفساد البلاد والطرقات.
[وفيها توفى من الأعيان]
[أحمد بن يوسف بن دوست]
أبو عبد الله البزار، أحد حفاظ الحديث، وأحد الفقهاء على مذهب مالك، كان يذكر بحضرة الدار قطنى ويتكلم على علم الحديث، فيقال إن الدار قطنى تكلم فيه لذلك السبب، وقد تكلم في غيره بما لا يقدح فيه كبير شيء. قال الأزهري: رأيت كتبه طرية، وكان يذكر أن أصوله العتق غرقت، وقد أملى الحديث من حفظه، والمخلص وابن شاهين حيان موجودان. توفى في رمضان عن أربع وثمانين سنة.
[الوزير فخر الملك]
محمد بن على بن خلف أبو غالب الوزير، كان من أهل واسط، وكان أبوه صيرفيا، فتنقلت به الأحوال إلى أن وزر لبهاء الدولة، وقد اقتنى أموالا جزيلة، وبنى دارا عظيمة، تعرف بالفخرية، وكانت أولا للخليفة المتقى لله، فأنفق عليها أموالا كثيرة، وكان كريما جواد، كثير الصدقة، كسى في يوم واحد ألف فقير، وكان كثير الصلاة أيضا، وهو أول من فرق الحلاوة ليلة النصف من شعبان، وكان فيه ميل إلى التشيع، وقد صادره سلطان الدولة بالأهواز، وأخذ منه شيئا أزيد من ستمائة ألف دينار، خارجا عن الاملاك والجواهر والمتاع، قتله سلطان الدولة، وكان عمره يوم قتل ثنتين وخمسين سنة وأشهرا وقيل إن سبب هلاكه أن رجلا قتله بعض غلمانه، فاستعدت امرأة الرجل على الوزير هذا، ورفعت إليه قصصتها، وكل ذلك لا يلتفت إليها، فقالت له ذات يوم: أيها الوزير