للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا فِي أَنْفُسِنَا مِنَ الْهَمِّ بِهِ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْعَصْرِ صَلَاةَ الْخَوْفِ. قُلْتُ: وَعُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ كَانَتْ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ بَعْدَ الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ كَمَا سَيَأْتِي. وَفِي سِيَاقِ حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ آيَةَ صَلَاةِ الْخَوْفِ نَزَلَتْ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ يَوْمَ عُسْفَانَ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةِ خَوْفٍ صَلَّاهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَيْفِيَّةَ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَاخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ فِيهَا فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ

غَزْوَةُ ذات الرقاع

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ شَهْرَيْ رَبِيعٍ وَبَعْضَ جُمَادَى ثُمَّ غَزَا نَجْدًا يُرِيدُ بَنِي مُحَارِبٍ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطْفَانَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا ذَرٍّ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ نَخْلًا وَهِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ لِأَنَّهُمْ رَقَّعُوا فِيهَا رَايَاتِهُمْ، وَيُقَالُ لِشَجَرَةٍ هُنَاكَ اسْمُهَا ذَاتُ الرِّقَاعِ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ بِجَبَلٍ فِيهِ بُقَعٌ حُمْرٌ وَسُودٌ وَبِيضٌ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَرْبُطُونَ عَلَى أَرْجُلِهِمْ مِنَ الْخِرَقِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَقِيَ بِهَا جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ فَتَقَارَبَ النَّاسُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ وَقَدْ خَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَقَدْ أَسْنَدَ ابْنُ هِشَامٍ حَدِيثَ صَلَاةِ الْخَوْفِ هَاهُنَا عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ التَّنُّورِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَعَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الطُّرُقِ غَزْوَةَ نَجْدٍ وَلَا ذَاتِ الرِّقَاعِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِزَمَانٍ وَلَا مَكَانٍ وَفِي كَوْنِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ الَّتِي كَانَتْ بِنَجْدٍ لِقِتَالِ بَنِي مُحَارِبٍ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ غَطَفَانَ قَبْلَ الْخَنْدَقِ نَظَرٌ. وَقَدْ ذَهَبَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ خَيْبَرَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ شَهِدَهَا كَمَا سَيَأْتِي وَقَدُومُهُ إِنَّمَا كَانَ لَيَالِيَ خَيْبَرَ صُحْبَةَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ وَكَذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ نَجْدٍ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا بَعْدَ الْخَنْدَقِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ إِنَّمَا أَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِتَالِ أَوَّلَ مَا أَجَازَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ.

وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ نَجْدٍ فَذَكَرَ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَقَوْلُ الْوَاقِدِيِّ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَرَجَ إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَيُقَالُ سَبْعِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ لَيْلَةَ السَّبْتِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ لَا يَحْصُلُ بِهِ نَجَاةٌ مِنْ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ إِنَّمَا شُرِعَتْ بَعْدَ الْخَنْدَقِ لِأَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ، فَتَحَصَّلَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَخْلَصٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَأَبِي هُرَيْرَةَ فُلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>