له دوس ذو ثعلبان على فرس له، فسلك الرمل فأعجزهم فمضى على وجهه ذلك حتى أنى قيصر ملك الروم فاستنصره على ذي نواس وجنوده وأخبره بما بلغ منهم، وذلك لأنه نصراني على دينهم. فقال له بعدت بلادك منا ولكن سأكتب لك الى ملك الحبشة فإنه على هذا الدين وهو أقرب الى بلادك. فكتب اليه يأمره بنصره والطلب بثأره. فقدم دوس على النجاشي بكتاب قيصر فبعث معه سبعين ألفا من الحبشة وامر عليهم رجلا منهم يقال له ارياط ومعه في جنده ابرهة الاشرم فركب ارياط البحر حتى نزل بساحل اليمن ومعه دوس وسار اليه ذو نواس في حمير ومن أطاعه من قبائل اليمن. فلما التقوا انهزم ذو نواس وأصحابه فلما رأى ذو نواس ما نزل به وبقومه وجه فرسه في البحر ثم ضربه فدخل فيه فخاض به ضحضاح البحر حتى افضى به الى غمره فادخله فيها فكان آخر العهد به ودخل ارياط اليمن وملكها وقد ذكر ابن إسحاق هاهنا اشعارا للعرب فيما وقع من هذه الكائنة الغريبة وفيها فصاحة وحلاوة وبلاغة وطلاوة ولكن تركنا إيرادها خشية الاطالة وخوف الملالة وبالله المستعان
[ذكر خروج ابرهة الاشرم على ارياط واختلافهما واقتتالهما وصيرورة ملك اليمن الى ابرهة بعد قتله ارياط]
قال ابن إسحاق فأقام ارياط بأرض اليمن سنين في سلطانه ذلك ثم نازعة ابرهة حتى تفرقت الحبشة عليهما. فانحاز الى كل منهما طائفة ثم سار أحدهما الى الآخر. فلما تقارب الناس أرسل أبرهة الى ارياط انك لن تصنع بان تلقى الحبشة بعضها ببعض حتى تفنيها شيئا شيئا، فابرز لي وابرز لك فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده، فأرسل إليه ارياط أنصفت فخرج إليه أبرهة وكان رجلا قصيرا لحيما وكان ذا دين في النصرانية وخرج إليه أرياط وكان رجلا جميلا عظيما طويلا وفي يده حربة له. وخلف أبرهة غلام يقال له عتودة يمنع ظهره. فرفع أرياط الحربة فضرب أبرهة يريد يافوخه. فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وعينه وأنفه وشفته فبذلك سمى أبرهة الأشرم. وحمل عتودة على أرياط من خلف أبرهة فقتله وانصرف جند أرياط إلى أبرهة. فاجتمعت عليه الحبشة باليمن وودى أبرهة أرياط. فلما بلغ ذلك النجاشي ملك الحبشة الّذي بعثهم إلى اليمن غضب غضبا شديدا على أبرهة وقال عدا على أميرى فقتله بغير أمرى ثم حلف لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته فحلق أبرهة رأسه وملأ جرابا من تراب اليمن ثم بعث به الى النجاشي ثم كتب اليه: أيها الملك إنما كان ارياط عبدك وأنا عبدك فاختلفنا في أمرك وكل طاعته لك إلا أنى كنت أقوى على أمر الحبشة واضبط لها وأسوس منه. وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك وبعثت إليه بجراب تراب من أرضى ليضعه تحت قدمه فيبر قسمه في. فلما انتهى ذلك الى النجاشي رضى عنه وكتب إليه أن أثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمرى فأقام أبرهة باليمن