وثلاثمائة، وقيل: وخمسمائة، وكلهم اسْتَمَرَّ عَلَى السَّدَادِ وَالِاسْتِقَامَةِ حَتَّى مَاتَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ الْبِشَارَةُ لِعُكَّاشَةَ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقُتِلَ شَهِيدًا يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ أَمْتَى سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ القمر ليلة البدر، فقام عكاشة ابن مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ يَجُرُّ نَمِرَةً عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اللَّهمّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ:
سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ تُفِيدُ الْقَطْعَ، وَسَنُورِدُهُ فِي بَابِ صِفَةِ الْجَنَّةِ، وَسَنَذْكُرُ في قتال أهل الردة أن طلحة الْأَسَدِيَّ قَتَلَ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ شَهِيدًا رَضِيَ الله عنه، ثم رجع طلحة الْأَسَدِيُّ عَمَّا كَانَ يَدَّعِيهِ مِنَ النُّبُوَّةِ وَتَابَ إلى الله، وقدم على أبى بكر الصديق واعتمر وحسن إسلامه وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ كَأَنَّهُ وُضِعَ فِي يدي سواران فقطعتهما، فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ: أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فطارا، فأولتهما كذا بين يَخْرُجَانِ، صَاحِبُ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبُ الْيَمَامَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ في الوفود أنه قَالَ لِمُسَيْلِمَةَ حِينَ قَدِمَ مَعَ قَوْمِهِ وَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ اتَّبَعْتُهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ لَوْ سَأَلْتَنِي هَذَا الْعَسِيبَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لَأُرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا أُرِيتُ وَهَكَذَا وَقَعَ، عَقَرَهُ اللَّهُ وَأَهَانَهُ وَكَسَرَهُ وَغَلَبَهُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، كَمَا قَتَلَ الْأَسْوَدَ الْعَنْسِيَّ بِصَنْعَاءَ، عَلَى مَا سَنُورِدُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَيْلِمَةَ فَقَالَ لَهُ مُسَيْلِمَةُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهُ؟
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آمَنْتُ باللَّه وَبِرُسُلِهِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن هذا رجل أُخِّرَ لِهَلَكَةِ قَوْمِهِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ كَتَبَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحيم، مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ أشركت في الأمر بعدك، فَلَكَ الْمَدَرُ وَلِيَ الْوَبَرُ، وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ يَعْتَدُونَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأَرْضَ للَّه يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ الْعَاقِبَةَ لِمُحَمَّدٍ وأصحابه، لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمُتَّقُونَ وَهُمُ الْعَادِلُونَ الْمُؤْمِنُونَ، لَا مَنْ عَدَاهُمْ وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الْمَرْوِيَّةُ مِنْ طَرْقٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِخْبَارِ عَنِ الرِّدَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ فَقَاتَلَهُمُ الصِّدِّيقُ بِالْجُنُودِ الْمُحَمَّدِيَّةُ حَتَّى رَجَعُوا إِلَى دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، وَعَذُبَ مَاءُ الْإِيمَانِ كَمَا كَانَ بَعْدَ مَا صَارَ أُجَاجًا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute