للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب حجة الوداع في سنة عشر ويقال لها حجة البلاغ، وحجة الإسلام، وحجة الوداع]

لانه ودع الناس فيها ولم يحج بعدها، وسميت حجة الإسلام لانه لم يحج من المدينة غيرها ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها. وقد قيل إن فريضة الحج نزلت عامئذ وقيل سنة تسع وقيل سنة ست وقيل قبل الهجرة وهو غريب، وسميت حجة البلاغ لأنه بلّغ الناس شرع الله في الحج قولا وفعلا ولم يكن بقي من دعائم الإسلام وقواعده شيء إلا وقد بينه فلما بين لهم شريعة الحج ووضحه وشرحه أنزل الله ﷿ عليه وهو واقف بعرفة ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً﴾.

وسيأتي إيضاح لهذا كله والمقصود ذكر حجته كيف كانت فإن النقلة اختلفوا فيها اختلافا كثيرا جدا بحسب ما وصل الى كل منهم من العلم وتفاوتوا في ذلك تفاوتا كثيرا لا سيما من بعد الصحابة ونحن نورد بحمد الله وعونه وحسن توفيقه ما ذكره الأئمة في كتبهم من هذه الروايات ونجمع بينهما جمعا يثلج قلب من تأمله وأنعم النظر فيه وجمع بين طريقتي الحديث وفهم معانيه ان شاء الله وبالله الثقة وعليه التكلان، وقد اعتنى الناس بحجة رسول الله اعتناء كثيرا من قدماء الأئمة ومتأخريهم وقد صنف العلامة أبو محمد بن حزم الأندلسى مجلدا في حجة الوداع أجاد في أكثره ووقع له فيه أوهام سننبّه عليها في مواضعها وبالله المستعان.

[باب]

بيان أنه لم يحج من المدينة الا حجة واحدة وإنه اعتمر قبلها ثلاث عمر كما رواه البخاري ومسلّم عن هدبة عن همام عن قتادة عن أنس. قال: اعتمر رسول الله أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي في حجته الحديث. وقد رواه يونس بن بكير عن عمر بن ذر عن مجاهد عن أبى هريرة مثله وقال سعد بن منصور عن الدراوَرْديّ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.

قالت: اعتمر رسول الله ثلاث عمر عمرة في شوال وعمرتين في ذي القعدة وكذا رواه ابن بكير عن مالك عن هشام بن عروة. وروى الامام احمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله اعتمر ثلاث عمر كلهن في ذي القعدة. وقال أحمد حدثنا أبو النضر ثنا داود - يعنى العطار - عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس. قال: اعتمر رسول الله أربع عمر عمرة الحديبيّة وعمرة القضاء والثالثة من الجعرانة والرابعة التي مع حجته. ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث داود العطار وحسنه الترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>