التَّمِيمِيُّ عَنْ أَبِي ضَمْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ نَادَى مُنَادِي أَبِي بَكْرٍ مِنَ الْغَدِ مِنْ مُتَوَفَّى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ليتمم بَعْثُ أُسَامَةَ: أَلَا لَا يَبْقَيَنَّ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ من جيش أُسَامَةَ إِلَّا خَرَجَ إِلَى عَسْكَرِهِ بِالْجُرْفِ، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا مِثْلُكُمْ وانى لعلكم تكافوننى مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطِيقُ، إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ، وَعَصَمَهُ مِنَ الْآفَاتِ، وَإِنَّمَا أَنَا مُتَّبِعٌ ولست بمبتدع، فان استقمت فبايعوني، وَإِنْ زِغْتُ فَقَوِّمُونِي، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَطْلُبُهُ بِمَظْلِمَةٍ ضَرْبَةِ سَوْطٍ فَمَا دُونَهَا، وَإِنَّ لِي شَيْطَانًا يَعْتَرِينِي فَإِذَا أَتَانِي فَاجْتَنِبُونِي لَا أُؤَثِّرُ فِي أَشْعَارِكُمْ وَأَبْشَارِكُمْ، وَإِنَّكُمْ تَغْدُونَ وَتَرُوحُونَ فِي أَجَلٍ قَدْ غُيِّبَ عَنْكُمْ عِلْمُهُ، وَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا يَمْضِيَ إِلَّا وَأَنْتُمْ فِي عَمَلٍ صَالِحٍ فَافْعَلُوا، وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا ذَلِكَ إِلَّا باللَّه، وَسَابِقُوا فِي مَهْلِ آجَالِكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُسْلِمَكُمْ آجَالُكُمْ إِلَى انْقِطَاعِ الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ قَوْمًا نَسُوا آجَالَهُمْ وَجَعَلُوا أَعْمَالَهُمْ بعدهم، فإياكم أن تكونوا أمثالهم، الجد الجد، النجاة النجاة، الْوَحَا الْوَحَا فَإِنَّ وَرَاءَكُمْ طَالِبًا حَثِيثًا، وَأَجَلًا أمره سَرِيعٌ، احْذَرُوا الْمَوْتَ، وَاعْتَبِرُوا بِالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْإِخْوَانِ، ولا تطيعوا الأحياء إلا بما تطيعوا بِهِ الْأَمْوَاتَ، قَالَ: وَقَامَ أَيْضًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الله لَا يَقْبَلُ مِنَ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَا أُرِيدَ به وجهه، فأريدوا الله بأعمالكم، فأنما أخلصتم لِحِينِ فَقْرِكُمْ وَحَاجَتِكُمْ، اعْتَبَرُوا عِبَادَ اللَّهِ بِمَنْ مَاتَ مِنْكُمْ، وَتَفَكَّرُوا فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَيْنَ كَانُوا أَمْسِ، وَأَيْنَ هُمُ الْيَوْمَ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ الَّذِينَ كَانَ لَهُمْ ذِكْرُ الْقِتَالِ وَالْغَلَبَةِ فِي مَوَاطِنِ الْحُرُوبِ، قَدْ تَضَعْضَعَ بِهِمُ الدَّهْرُ، وَصَارُوا رميما، قد تولت عليهم العالات، الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثَيْنِ، وَالْخِبِّيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ، وَأَيْنَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ أَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا؟ قَدْ بَعُدُوا وَنُسِيَ ذِكْرُهُمْ، وَصَارُوا كَلَا شَيْءٍ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَبْقَى عَلَيْهِمُ التَّبِعَاتِ، وَقَطَعَ عَنْهُمُ الشَّهَوَاتِ، وَمَضَوْا وَالْأَعْمَالُ أَعْمَالُهُمْ، وَالدُّنْيَا دُنْيَا غَيْرِهِمْ، وبعثنا خَلَفًا بَعْدَهُمْ، فَإِنْ نَحْنُ اعْتَبَرْنَا بِهِمْ نَجَوْنَا، وإن انحدرنا كنا مثلهم، أين الوضاءة الْحَسَنَةُ وُجُوهُهُمْ، الْمُعْجَبُونَ بِشَبَابِهِمْ؟ صَارُوا تُرَابًا، وَصَارَ مَا فَرَّطُوا فِيهِ حَسْرَةً عَلَيْهِمْ، أَيْنَ الَّذِينَ بَنَوُا الْمَدَائِنَ وَحَصَّنُوهَا بِالْحَوَائِطِ، وَجَعَلُوا فِيهَا الْأَعَاجِيبَ؟ قَدْ تَرَكُوهَا لِمَنْ خَلْفَهُمْ، فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ خَاوِيَةً وَهُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْقُبُورِ، هَلْ (تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا) ؟ أَيْنَ مَنْ تَعْرِفُونَ مِنْ آبَائِكُمْ وَإِخْوَانِكُمْ، قَدِ انْتَهَتْ بِهِمْ آجَالُهُمْ، فَوَرَدُوا عَلَى مَا قَدَّمُوا فَحَلُّوا عليه وأقاموا للشقوة أو السعادة بَعْدَ الْمَوْتِ، أَلَا إِنَّ اللَّهَ لَا شَرِيكَ لَهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ سَبَبٌ يُعْطِيهِ بِهِ خَيْرًا، وَلَا يَصْرِفُ بِهِ عَنْهُ سُوءًا، إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ عَبِيدٌ مَدِينُونَ، وَأَنَّ مَا عِنْدَهُ لَا يدرك إلا بطاعته أما آن لأحدكم أن تحسر عنه النار ولا تبعد عنه الجنة؟.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute