للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجانين مجانين، ثم ولوا مدبرين فقتلهم المسلمون وغنموا منهم مغانم كثيرة.

[قصة أخرى شبيهة بذلك]

وروى البيهقي من طريق أبى النضر عن سليمان بن المغيرة أن أبا مسلّم الخولانيّ جاء إلى دجلة وهي ترمى الخشب من مدها فمشى على الماء والتفت إلى أصحابه، وقال: هل تفقدون من متاعكم شيئا فندعو الله تعالى؟ ثم قال: هذا إسناد صحيح * قلت: وقد ذكر الحافظ الكبير، أبو القاسم بن عساكر، في ترجمة أبى عبد الله بن أيوب الخولانيّ هذه القصة بأبسط من هذه من طريق بقية ابن الوليد: حدثني محمد بن زياد عن أبى مسلّم الخولانيّ أنه كان إذا غزا أرض الروم فمروا بنهر قال:

أجيزوا بسم الله، قال: ويمر بين أيديهم فيمرون على الماء فما يبلغ من الدواب إلا إلى الركب، أو في بعض ذلك، أو قريبا من ذلك، قال: وإذا جازوا قال للناس: هل ذهب لكم شيء؟ من ذهب له شيء فأنا ضامن، قال: فألقى مخلاة عمدا، فلما جاوزوا قال للناس: هل ذهب لكم شيء؟ من ذهب له شيء فأنا ضامن، قال: فألقى مخلاة عمدا، فلما جاوزوا قال الرجل: مخلاتى وقعت في النهر، قال له:

اتبعنى، فإذا المخلاة قد تعلقت ببعض أعواد النهر، فقال: خذها * وقد رواه أبو داود من طريق الأعرابي عنه عن عمرو بن عثمان عن بقية به * ثم قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد أن أبا مسلّم الخولانيّ أتى على دجلة وهي ترمى بالخشب من مدها فوقف عليها ثم حمد الله وأثنى عليه وذكر مسير بنى إسرائيل في البحر، ثم لهز دابته فخاضت الماء وتبعه الناس حتى قطعوا، ثم قال: هل فقدتم شيئا من متاعكم فأدعو الله أن يرده عليّ؟ * وقد رواه ابن عساكر من طريق أخرى عن عبد الكريم بن رشيد عن حميد بن هلال العدوي: حدثني ابن عمى أخى أبى قال: خرجت مع أبى مسلّم في جيش فأتينا على نهر عجاج منكر، فقلنا لأهل القرية: أين المخاضة؟ فقالوا: ما كانت هاهنا مخاضة ولكن المخاضة أسفل منكم على ليلتين، فقال أبو مسلّم: اللهمّ أجزت بنى إسرائيل البحر، وإنا عبيدك وفي سبيلك، فأجزنا هذا النهر اليوم، ثم قال: اعبروا بسم الله، قال ابن عمى: وأنا على فرس فقلت: لأدفعنه أول الناس خلف فرسه، قال: فو الله ما بلغ الماء بطون الخيل عمى: وأنا على فرس فقلت: لأدفعنه أول الناس خلف فرسه، قال: فو الله ما بلغ الماء بطن ابن حتى عبر الناس كلهم، ثم وقف وقال: يا معشر المسلمين، هل ذهب لأحد منكم شيء فأدعو الله تعالى يرده؟ * فهذه الكرامات لهؤلاء. الأولياء، هي معجزات لرسول الله كما تقدم تقريره، لأنهم إنما نالوها ببركة متابعته، ويمن سفارته، إذ فيها حجة في الدين، أكيدة للمسلمين، وهي مشابهة نوح في مسيره فوق الماء بالسفينة التي أمره الله تعالى بعملها، ومعجزة موسى في فلق البحر، وهذه فيها ما هو أعجب من ذلك، من جهة مسيرهم على متن الماء من غير حائل، ومن جهة أنه ماء جار والسير عليه أعجب من السير على الماء القار الّذي يجاز، وإن كان ماء الطوفان أطم وأعظم، فهذه خارق، والخارق لا فرق بين قليله وكثيره، فأن من سلك على وجه الماء الخضم الجاري

<<  <  ج: ص:  >  >>