للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العجاج فلم يبتل منه نعال خيولهم، أو لم يصل إلى بطونها، فلا فرق في الخارق بين أن يكون قامة أو ألف قامة، أو أن يكون نهرا أو بحرا، بل كونه نهرا عجاجا كالبرق الخاطف والسيل الجاري، أعظم وأغرب، وكذلك بالنسبة إلى فلق البحر، وهو جانب بحر القلزم، حتى صار كل فرق كالطود العظيم، أي الجبل الكبير، فانحاز الماء يمينا وشمالا حتى بدت أرض البحر، وأرسل الله عليها الريح حتى أيبسها، ومشت الخيول عليها بلا انزعاج، حتى جاوزوا عن آخرهم، وأقبل فرعون بجنوده (فغشيهم من اليم ما غشيهم وأضل فرعون قومه وما هدى) وذلك أنهم لما توسطوه وهموا بالخروج منه، أمر الله البحر فارتطم عليهم فغرقوا عن آخرهم، فلم يفلت منهم أحد، كما لم يفقد من بنى إسرائيل واحد، ففي ذلك آية عظيمة بل آيات معدودات، كما بسطنا ذلك في التفسير ولله الحمد والمنة * والمقصود أن ما ذكرناه من قصة العلاء بن الحضرميّ، وأبى عبد الله الثقفي، وأبى مسلّم الخولانيّ، من مسيرهم على تيار الماء الجاري، فلم يفقد منهم أحد، ولم يفقدوا شيئا من أمتعتهم، هذا وهم أولياء، منهم صحابى وتابعيان فما الظن لو [كان] الاحتياج إلى ذلك بحضرة رسول الله ، سيد الأنبياء وخاتمهم، وأعلاهم منزلة ليلة الأسراء، وإمامهم ليلتئذ ببيت المقدس الّذي هو محل ولايتهم، ودار بدايتهم، وخطيبهم يوم القيامة، وأعلاهم منزلة في الجنة، وأول شافع في الحشر، وفي الخروج من النار، وفي دخول الجنة، وفي رفع الدرجات بها، كما بسطنا أقسام الشفاعة وأنواعها، في آخر الكتاب في أهوال يوم القيامة، وبالله المستعان. وستذكر في المعجزات الموسوية ما ورد من المعجزات المحمدية، مما هو أظهر وأبهر منها، ونحن الآن فيما يتعلق بمعجزات نوح ، ولم يذكر شيخنا سوى ما تقدم، وأما الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، فأنه قال في آخر كتابه في دلائل النبوة، وهو في مجلدات ثلاث:

الفصل الثالث والثلاثون في ذكر موازنة الأنبياء في فضائلهم، بفضائل نبينا، ومقابلة ما أوتوا من الآيات بما أوتى، إذ أوتى ما أوتوا وشبهه ونظيره، فكان أول الرسل نوح ، وآيته التي أوتى شفاء غيظه، وإجابة دعوته، في تعجيل نقمة الله لمكذبيه، حتى هلك من على بسيط الأرض من صامت وناطق، إلا من آمن به ودخل معه في سفينته، ولعمري إنها آية جليلة، وافقت سابق قدر الله وما قد علمه في هلاكهم، وكذلك نبينا لما كذبه قومه وبالغوا في أذيته، والاستهانة بمنزلته من الله ﷿، حتى ألقى السفيه عقبة بن أبى معيط سلا الجزور على ظهره وهو ساجد، فقال:

اللهمّ عليك بالملإ من قريش، ثم ساق الحديث عن ابن مسعود كما تقدم، كما ذكرنا له في صحيح البخاري وغيره في وضع الملأ من قريش على ظهر رسول الله وهو ساجد عند الكعبة سلا تلك الجزور، واستضحاكهم من ذلك، حتى أن بعضهم يميل على بعض من شدة الضحك، ولم يزل على ظهره حتى جاءت ابنته فاطمة فطرحته عن ظهره، ثم أقبلت عليهم تسبهم،

فلما سلّم

<<  <  ج: ص:  >  >>