من صنع هذا؟ قالوا: ابن عباس، قال: اللهمّ فقهه في الدين *
وروى البيهقي عن الحاكم وغيره عن الأصم عن عباس الدورقي عن الحسن بن موسى الأسيب عن زهير عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ وضع يده على كتفي - أو قال: منكبى، شك سعيد - ثم قال: اللهمّ فقهه في الدين وعلمه التأويل، وقد استجاب الله لرسوله ﷺ هذه الدعوة في ابن عمه، فكان إماما يهتدى بهداه ويقتدى بسناه في علوم الشريعة، ولا سيما في علم التأويل وهو التفسير، فإنه انتهت إليه علوم الصحابة قبله، وما كان عقله من كلام ابن عمه رسول الله ﷺ * وقد قال الأعمش عن أبى الضحى عن مسروق قال: قال عبد الله بن مسعود: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره أحد منا، وكان يقول لهم: نعم ترجمان القرآن ابن عباس * هذا وقد تأخرت وفاة ابن عباس عن وفاة عبد الله بن مسعود ببضع وثلاثين سنة، فما ظنك بما حصله بعده في هذه المدة؟ وقد روينا عن بعض أصحابه أنه قال: خطب الناس ابن عباس في عشية عرفة ففسر لهم سورة البقرة، أو قال سورة، ففسرها تفسيرا لو سمعه الروم والترك والديلم لأسلموا، ﵁ وأرضاه.
[حديث آخر]
ثبت في الصحيح أنه ﵇ دعا لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، فكان كذلك حتى روى الترمذي عن محمود بن غيلان عن أبى داود الطيالسي عن أبى خلدة، قال: قلت لأبى العالية: سمع أنس من النبي ﷺ؟ فقال: خدمه عشر سنين ودعا له، وكان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين، وكان فيه ريحان يجيء منه ريح المسك * وقد روينا في الصحيح أنه ولد له لصلبه قريب من مائة أو ما ينيف عليها،
وفي رواية: أنه ﷺ، قال: اللهمّ أطل عمره، فعمر مائة، وقد دعا ﷺ لأم سليم ولأبى طلحة في غابر ليلتهما، فولدت له غلاما سماه رسول الله ﷺ عبد الله، فجاء من صلبه تسعة كلهم قد حفظ القرآن، ثبت ذلك في الصحيح * وثبت في صحيح مسلّم من حديث عكرمة بن عمار عن أبى كثير العنبري عن أبى هريرة أنه سأل من رسول الله ﷺ أن يدعو لأمه فيهديها الله فدعا لها، فذهب أبو هريرة فوجد أمه تغتسل خلف الباب فلما فرغت قالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، فجعل أبو هريرة يبكى من الفرح، ثم ذهب فأعلم بذلك رسول الله، وسأل منه أن يدعو لهما أن يحببهما الله إلى عباده المؤمنين فدعا لهما، فحصل ذلك. قال أبو هريرة: فليس مؤمن ولا مؤمنة إلا وهو يحبنا، وقد صدق أبو هريرة في ذلك ﵁ وأرضاه، ومن تمام هذه الدعوة أن الله شهر ذكره في أيام الجمع حيث يذكره الناس بين يدي خطبة الجمعة، وهذا من التقييض القدري والتقدير المعنوي * وثبت في الصحيح أنه ﵇، دعا لسعد بن أبى وقاص وهو مريض فعوفي، ودعا له أن يكون مجاب الدعوة، فقال: اللهمّ أجب دعوته، وسدد