ألا إن خير الناس بعد ثلاثة … قتيل التجيبي الّذي جاء من مضر
ولما رجع الحج وجدوا عثمان ﵁ قد قتل، وبايع الناس على بن أبى طالب ﵁. ولما بلغ أمهات المؤمنين في أثناء الطريق أن عثمان قد قتل، رجعن إلى مكة فأقمن بها نحوا من أربعة أشهر كما سيأتي
[فصل]
كانت مدة حصار عثمان ﵁ في داره أربعين يوما على المشهور، وقيل كانت بضعا وأربعين يوما. وقال الشعبي: كانت ثنتين وعشرين ليلة. ثم كان قتله ﵁ في يوم الجمعة بلا خلاف.
قال سيف بن عمر عن مشايخه: في آخر ساعة منها، ونص عليه مصعب بن الزبير وآخرون.
وقال آخرون ضحوة نهارها، وهذا أشبه، وكان ذلك لثماني عشر ليلة خلت من ذي الحجة على المشهور، وقيل في أيام التشريق، رواه ابن جرير: حدثني أحمد بن زهير ثنا أبو خيثمة ثنا وهب بن جرير سمعت يونس عن يزيد عن الزهري. قال: قتل عثمان فزعم بعض الناس أنه قتل في أيام التشريق، وقال بعضهم قتل يوم الجمعة لثلاث خلت من ذي الحجة. وقيل قتل يوم النحر، حكاه ابن عساكر ويستشهد له بقول الشاعر:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به … يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
قال: والأول هو الأشهر، وقيل إنه قتل يوم الجمعة لثماني عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين على الصحيح المشهور، وقيل سنة ست وثلاثين، قال مصعب بن الزبير وطائفة: وهو غريب. فكانت خلافته ثنتى عشرة سنة إلا اثنى عشر يوما، لأنه بويع له في مستهل المحرم سنة أربع وعشرين. فأما عمره ﵁ فإنه جاوز ثنتين وثمانين سنة، وقال صالح بن كيسان: توفى عن ثنتين وثمانين سنة وأشهر، وقيل: أربع وثمانون سنة، وقال قتادة: توفى عن ثمان وثمانين أو تسعين سنة. وفي رواية عنه توفى عن ست وثمانين سنة. وعن هشام بن الكلبي: توفى عن خمس وسبعين سنة، وهذا غريب جدا، وأغرب منه ما رواه سيف بن عمر عن مشايخه، وهم محمد وطلحة وأبو عثمان وأبو حارثة أنهم قالوا: قتل عثمان ﵁ عن ثلاث وستين سنة.
وأما موضع قبره فلا خلاف أنه دفن بحش كوكب - شرقى البقيع - وقد بنى عليه زمان بنى أمية قبة عظيمة وهي باقية إلى اليوم. قال الامام مالك ﵁: بلغني أن عثمان ﵁ كان يمر بمكان قبره من حش كوكب فيقول: إنه سيدفن هاهنا رجل صالح.
وقد ذكر ابن جرير أن عثمان ﵁ بقي بعد أن قتل ثلاثة أيام لا يدفن. قلت: وكأنه