للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذوى اليسار والمشهورين بالبر والإفضال، وله صدقات جارية، وأوقاف دارة دائرة على أهل الحديث ببغداد وسجستان، كانت له دار عظيمة ببغداد، وكان يقول: ليس في الدنيا مثل بغداد، ولا في بغداد مثل القطيعة، ولا في القطيعة مثل دار أبى خلف، ولا في دار أبى خلف مثل داري. وصنف الدار قطنى له مسندا. وكان إذا شك في حديث طرحه جملة، وكان الدار قطنى يقول: ليس في مشايخنا أثبت منه، وقد أنفق في ذوى العلم والحاجات أموالا جزيلة كثيرة جدا، اقترض منه بعض التجار عشرة آلاف دينار فاتجر بها، فربح في مدة ثلاث سنين ثلاثين ألف دينار، فعزل منها عشرة آلاف دينار وجاءه بها فأضافه دعلج ضيافة حسنة، فلما فرغ من شأنها قال له: ما شأنك؟ قال له: هذه العشرة آلاف دينار التي تفضلت بها، قد أحضرت فقال: يا سبحان الله إني لم أعطكها لتردها فصل بها الأهل. فقال إني قد ربحت بها ثلاثين ألف دينار فهذه منها. فقال له دعلج: اذهب بارك الله لك، فقال له: كيف يتسع مالك لهذا؟ ومن أين أفدت هذا المال؟ قال: إني كنت في حداثة سنى أطلب الحديث، فجاءني رجل تاجر من أهل البحر فدفع إلى ألف ألف درهم، وقال: اتجر في هذه، فما كان من ربح فبيني وبينك، وما كان من خسارة فعلى دونك، وعليك عهد الله وميثاقه إن وجدت ذا حاجة أو خلة الا سددتها من مالي هذا دون مالك، ثم جاءني فقال: إني أريد الركوب في البحر فان هلكت فالمال في يدك على ما شرطت عليك. فهو في يدي على ما قال. ثم قال لي: لا تخبر بها أحدا مدة حياتي. فلم أخبر به أحدا حتى مات. توفى في جمادى الآخرة من هذه السنة عن أربع أو خمس وتسعين سنة. .

[عبد الباقي بن قانع]

ابن مرزوق أبو الحسن الأموي مولاهم، سمع الحارث بن أسامة، وعنه الدار قطنى وغيره، وكان ثقة أمينا حافظا، ولكنه تغير في آخر عمره. قال الدار قطنى: كان يخطئ ويصر على الخطأ، توفى في شوال منها

[أبو بكر النقاش المفسر]

محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون بن جعفر، أبو بكر النقاش المفسر المقرئ، مولى أبى دجانة سماك بن خرشة، أصله من الموصل، كان عالما بالتفسير وبالقراءات، وسمع الكثير في بلدان شتى عن خلق من المشايخ، وحدث عنه أبو بكر بن مجاهد والخلدى وابن شاهين وابن رزقويه وخلق، وآخر من حدث عنه ابن شاذان، وتفرد بأشياء منكرة، وقد وثقه الدار قطنى على كثير من خطئه ثم رجع عن ذلك، وصرح بعضهم بتكذيبه والله أعلم. وله كتاب التفسير الّذي سماه شفاء الصدور وقال بعضهم: بل هو سقام الصدور، وقد كان رجلا صالحا في نفسه عابدا ناسكا، حكى من حضره وهو يجود بنفسه وهو يدعو بدعاء ثم رفع صوته يقول ﴿لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ﴾ يرددها ثلاث

<<  <  ج: ص:  >  >>