لهم عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك البركة، فأمر رسول الله بنطع فبسط ودعا بفضل أزوادهم، قال: فجعل الرجل يجيء بكف التمر والآخر بالكسرة حتى اجتمع على النطع شيء من ذلك يسير، فدعا عليهم بالبركة ثم قال: خذوا في أوعيتكم، فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملأه، وأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة، فقال رسول الله ﷺ: أشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله، لا يلقى الله بها عبد غير شاك فتحتجب عنه الجنة * وهكذا رواه مسلم أيضا عن سهل ابن عثمان وأبى كريب كلاهما عن أبى معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد وأبى هريرة فذكر مثله.
[حديث آخر في هذه القصة]
قال الامام أحمد: ثنا على بن إسحاق، ثنا عبد الله - هو ابن المبارك - أنا الأوزاعي، أنا المطلب بن حنطب المخزومي، حدثني عبد الرحمن بن أبى عمرة الأنصاري، حدثني أبى قال: كنا مع رسول الله ﷺ في غزاة فأصاب الناس مخمصة فاستأذن الناس رسول الله ﷺ في نحر بعض ظهورهم وقالوا: يبلغنا الله به، فلما رأى عمر بن الخطاب أن رسول الله ﷺ قد هم أن يأذن لهم في بحر بعض ظهورهم، قال: يا رسول الله كيف بنا إذا نحن لقينا العدو غدا جياعا رجالا؟ ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعو لنا ببقايا أزوادهم وتجمعها ثم تدعو الله فيها بالبركة فان الله سيبلغنا بدعوتك، أو سيبارك لنا في دعوتك، فدعا النبي ﷺ ببقايا أزوادهم فجعل الناس يجيئون بالحبة من الطعام وفوق ذلك، فكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر، فجمعها رسول الله ﷺ ثم قام فدعا ما شاء الله أن يدعو ثم دعا الجيش بأوعيتهم وأمرهم أن يحتثوا، فما بقي في الجيش وعاء إلا ملئوه، وبقي مثله، فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنى رسول الله، لا يلقى الله عبد يؤمن بهما إلا حجبت عنه النار يوم القيامة * وقد رواه النسائي من حديث عبد الله بن المبارك باسناده نحو ما تقدم.
[حديث آخر في هذه القصة]
قال الحافظ أبو بكر البزار: ثنا أحمد بن المعلى الأدمي، ثنا عبد الله بن رجاء، ثنا سعيد بن سلمة، حدثني أبو بكر - أظنه من ولد عمر بن الخطاب - عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبى ربيعة أنه سمع أبا حنيس الغفاريّ أنه كان مع رسول الله ﷺ في غزوة تهامة حتى إذا كنا بعسفان جاءه أصحابه فقالوا: يا رسول الله جهدنا الجوع فأذن لنا في الظهر أن نأكله، قال: نعم، فأخبر بذلك عمر بن الخطاب فجاء رسول الله فقال: يا نبي الله ما صنعت؟ أمرت الناس أن ينحروا الظهر فعلى ما يركبون؟ قال: فما ترى يا ابن الخطاب؟ قال: أرى أن تأمرهم أن يأتوا بفضل أزوادهم فتجمعه في ثوب ثم تدعو لهم،