ومجاهد وغير واحد هو أعدلهم وخيرهم ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ﴾ قيل تستثنون قاله مجاهد والسدي وابن جرير وقيل تقولون خيرا بدل ما قلتم من الشر ﴿قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ * قالُوا يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا طاغِينَ﴾. فندموا حيث لا ينفع الندم واعترفوا بالذنب بعد العقوبة وذلك حيث لا ينجع وقد قيل ان هؤلاء كانوا إخوة وقد ورثوا هذه الجنة من أبيهم وكان يتصدق منها كثيرا فلما صار أمرها اليهم استهجنوا أمر أبيهم وأرادوا استغلالها من غير أن يعطوا الفقراء شيئا فعاقبهم الله أشد العقوبة ولهذا أمر الله تعالى بالصدقة من الثمار وحث على ذلك يوم الجداد كما قال تعالى ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ﴾ ثم قيل كانوا من أهل اليمن من قرية يقال لها ضروان. وقيل من أهل الحبشة والله أعلم قال الله تعالى ﴿كَذلِكَ الْعَذابُ﴾ أي هكذا نعذب من خالف أمرنا ولم يعطف على المحاويج من خلقنا ﴿وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ﴾ أي أعظم وأحكم من عذاب الدنيا ﴿لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾. وقصة هؤلاء شبيه بقوله تعالى ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ﴾ قيل هذا مثل مضروب لأهل مكة وقيل هم أهل مكة أنفسهم ضربهم مثلا لأنفسهم ولا ينافي ذلك والله أعلم انتهى
[قصة أصحاب ايلة الذين اعتدوا في سبتهم]
قال الله تعالى في سورة الأعراف ﴿وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾.
﴿* فَلَمّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ وقال تعالى في سورة البقرة ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اِعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ * فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ وقال تعالى في سورة النساء ﴿أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً﴾. قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وغيرهم هم أهل ايلة. زاد ابن عباس بين مدين والطور. قالوا وكانوا متمسكين بدين التوراة في تحريم السبت في ذلك الزمان فكانت الحيتان قد الفت منهم السكينة في مثل هذا اليوم وذلك أنه كان يحرم عليهم الاصطياد فيه وكذلك جميع الصنائع والتجارات والمكاسب فكانت الحيتان في مثل يوم السبت يكثر غشيانها لمحلتهم من البحر فتأتى من هاهنا وهاهنا ظاهرة آمنة مسترسلة فلا يهيجونها ولا يذعرونها ﴿وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ﴾ وذلك لأنهم كانوا يصطادونها فيما عدا السبت