ابن عبد العزيز، فجرت بينهما حروب يطول ذكرها، ثم أجلاه عنها فلحق بالجبال فتغلب عليها.
وفي هذه السنة خرج الحارث بن سريج الّذي كان لحق ببلاد الترك ومالأهم على المسلمين فمن الله عليه بالهداية ووفقه حتى خرج إلى بلاد الشام، وكان ذلك عن دعاء يزيد بن الوليد إلى الرجوع إلى الإسلام وأهله فأجابه إلى ذلك، وخرج إلى خراسان فأكرمه نصر بن سيار نائب سورة (١)، واستمر الحارث ابن سريج على الدعوة إلى الكتاب والسنة وطاعة الامام، وعنده بعض المناوأة لنصر بن سيار.
قال الواقدي وأبو معشر: وحج بالناس في هذه السنة عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أمير الحجاز ومكة والمدينة والطائف، وأمير العراق نضر بن سعيد الحرشيّ، وقعد خرج عليه الضحاك الحروري، وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز. وأمير خراسان نصر بن سيار، وقد خرج عليه الكرماني والحارث بن سريج. وممن توفى في هذه السنة:
بكر بن الأشج وسعد بن إبراهيم وعبد الله بن دينار وعبد الملك بن مالك الجزري وعمير بن هانئ ومالك بن دينار ووهب بن كيسان وأبو إسحاق السبيعي.
[ثم دخلت سنة ثمان وعشرين ومائة]
فيها كان مقتل الحارث بن سريج، وكان سبب ذلك أن يزيد بن الوليد الناقص كان قد كتب إليه كتاب أمان، حتى خرج من بلاد الترك وصار إلى المسلمين ورجع عن موالاة المشركين إلى نصرة الإسلام وأهله، وأنه وقع بينه وبين نصر بن سيار نائب خراسان وحشة ومنافسات كثيرة يطول ذكرها، فلما صارت الخلافة إلى مروان بن محمد استوحش الحارث بن سريج من ذلك. وتولى ابن هبيرة نيابة العراق، وجاءت البيعة لمروان، فامتنع الحارث من قبولها وتكلم في مروان، وجاءه مسلمة بن أحوز أمير الشرطة، وجماعة من رءوس الأجناد والأمراء، وطلبوا منه أن يكف لسانه ويده، وأن لا يفرق جماعة المسلمين، فأبى وبرز ناحية عن الناس، ودعا نصر بن سيار إلى ما هو عليه من الدعوة إلى الكتاب والسنة فامتنع نصر من موافقته، واستمر هو على خروج على الإسلام.
وأمر الجهم بن صفوان مولى بنى راسب ويكنى بأبي محرز - وهو الّذي نسبت إليه الفرقة الجهمية - أن يقرأ كتابا فيه سيرة الحارث على الناس، وكان الحارث يقول أنا صاحب الرايات السود. فبعث إليه نصر يقول: لئن كنت ذاك فلعمري إنكم الذين تخربون سور دمشق وتزيلون بنى أمية، فخذ مني خمسمائة رأس ومائة بعير، وإن كنت غيره فقد أهلكت عشيرتك. فبعث إليه الحارث يقول:
لعمري إن هذا لكائن. فقال له نصر: فابدأ بالكرمانى أولا، ثم سر إلى الري، وأنا في طاعتك إذا وصلتها. ثم تناظر نصر والحارث ورضيا أن يحكم بينهما مقاتل بن حيان والجهم بن صفوان [فحكما]