للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحدى وعشرين وأربعمائة. قال: وقد كان الخطيب البغدادي صنف كتاب المؤتنف جمع فيه بين كتابي الدار قطنى وعبد الغنى بن سعيد في المؤتلف والمختلف، فجاء ابن ماكولا وزاد على الخطيب وسماه كتاب الإكمال، وهو في غاية الافادة ورفع الالتباس والضبط. ولم يوضع مثله، ولا يحتاج هذا الأمير بعده إلى فضيلة أخرى، ففيه دلالة على كثرة اطلاعه وضبطه وتحريره وإتقانه. ومن الشعر المنسوب إليه قوله:

قوض خيامك عن أرض تهان بها … وجانب الذل إن الذل يجتنب

وأرحل إذا كان في الأوطان منقصة … فالمندل الرطب في أوطانه حطب

[ثم دخلت سنة ست وسبعين وأربعمائة]

فيها عزل عميد الدولة بن جهير عن وزارة الخلافة فسار بأهله وأولاده إلى السلطان، وقصدوا نظام الملك وزير السلطان، فعقد لولده فخر الدولة على بلاد ديار بكر، فسار إليها بالخلع والكوسات والعساكر، وأمر أن ينتزعها من ابن مروان، وأن يخطب لنفسه وأن يذكر اسمه على السكة، فما زال حتى انتزعها من أيديهم، وباد ملكهم على يديه كما سيأتي بيانه، وسد وزارة الخلافة أبو الفتح مظفر ابن رئيس الرؤساء، ثم عزل في شعبان واستوزر أبو شجاع محمد بن الحسين، ولقب ظهير الدين، وفي جمادى الآخرة ولى مؤيد الملك أبا سعيد عبد الرحمن ابن المأمون، المتولي تدريس النظامية بعد وفاة الشيخ أبى إسحاق الشيرازي. وفيها عصى أهل حران على شرف الدولة مسلم بن قريش، فجاء فحاصرها ففتحها وهدم سورها وصلب قاضيها ابن حلبة وابنيه على السور. وفي شوال منها قتل أبو المحاسن بن أبى الرضا، وذلك لأنه وشى إلى السلطان في نظام الملك، وقال له سلمهم إلى حتى أستخلص لك منهم ألف ألف دينار، فعمل نظام الملك سماطا هائلا، واستحضر غلمانه وكانوا ألوفا من الأتراك، وشرع يقول للسلطان: هذا كله من أموالك، وما وقفته من المدارس والربط، وكله شكره لك في الدنيا وأجره لك في الآخرة، وأموالى وجميع ما أملكه بين يديك، وأنا أقنع بمرقعة وزاوية، فعند ذلك أمر السلطان بقتل أبى المحاسن، وقد كان حضيا عنده، وخصيصا به وجيها لديه، وعزل أباه عن كتابة الطغراء وولاها مؤيد الملك. وحج بالناس الأمير جنفل التركي مقطع الكوفة.

[وممن توفى فيها من الأعيان]

[الشيخ أبو إسحاق الشيرازي]

إبراهيم بن على بن يوسف الفيروزآبادي، وهي قرية من قرى فارس، وقيل هي مدينة خوارزم، شيخ الشافعية، ومدرس النظامية ببغداد، ولد سنة ثلاث وقيل ست وتسعين وثلاثمائة، وتفقه بفارس على أبى عبد الله البيضاوي، ثم قدم بغداد سنة خمس عشرة وأربعمائة، فتفقه على القاضي أبى الطيب الطبري، وسمع الحديث من ابن شاذان والبرقاني، وكان زاهدا عابدا ورعا، كبير القدر معظما محترما

<<  <  ج: ص:  >  >>