كم يذهب هذا العمر في الخسران … ما أغفلنى فيه وما أنسانى
ضيعت زماني كله في لعب … يا عمر هل بعدك عمر ثانى
وقد رآه بعضهم في المنام فقال له: ما فعل الله تعالى بك؟ فقال:
كنت من ديني على وجل … زال عنى ذلك الوجل
أمنت نفسي بوائقها … عشت لما مت لما رجل
﵀ وعفا عنه.
[جلال الدين تكش]
وقيل محمود بن علاء الدين خوارزم شاه محمد بن تكش الخوارزمي، وهم من سلالة طاهر بن الحسين، وتكش جدهم هو الّذي أزال دولة السلجوقية. كانت التتار قهروا أباه حتى شردوه في البلاد فمات في بعض جزائر البحر، ثم ساقوا وراء جلال الدين هذا حتى مزقوا عساكره شذر مذر وتفرقوا عنه أيدي سبا، وانفرد هو وحده فلقيه فلاح من قرية بأرض ميافارقين فأنكره لما عليه من الجواهر الذهب، وعلى فرسه، فقال له: من أنت؟ فقال: أنا ملك الخوارزمية - وكانوا قد قتلوا للفلاح أخا - فأنزله وأظهر إكرامه، فلما نام قتله بفأس كانت عنده، وأخذ ما عليه، فبلغ الخبر إلى شهاب الدين غازى ابن العادل صاحب ميافارقين فاستدعى بالفلاح فأخذ ما كان عليه من الجواهر، وأخذ الفرس أيضا، وكان الأشرف يقول هو سد ما بيننا وبين التتار، كما أن السد بيننا وبين يأجوج ومأجوج.
[ثم دخلت سنة تسع وعشرين وستمائة]
فيها عزل القاضيان بدمشق: شمس الخوى وشمس الدين بن سنى الدولة، وولى قضاء القضاة عماد الدين ابن الخرستانى، ثم عزل في سنة إحدى وثلاثين وأعيد شمس الدين بن سنى الدولة كما سيأتي. وفيها سابع عشر شوالها عزل الخليفة المستنصر وزيره مؤيد الدين محمد بن محمد بن عبد الكريم القمي، وقبض عليه وعلى أخيه حسن وابنه فخر الدين أحمد بن محمد القمي وأصحابهم وحبسوا، واستوزر الخليفة مكانه أستاذ الدار شمس الدين أبا الأزهر، أحمد بن محمد بن الناقد، وخلع عليه خلعة سنية وفرح الناس بذلك. وفيه أقبلت طائفة من التتار فوصلوا إلى شهرزور فندب الخليفة صاحب إربل مظفر الدين كوكبرى بن زين الدين، وأضاف إليه عساكر من عنده، فساروا نحوهم فهربت منهم التتار وأقاموا في مقابلتهم مدة شهور، ثم تمرض مظفر الدين وعاد إلى بلده إربل، وتراجعت التتار إلى بلادها.