[في السفر من غسان من جرثومة … أعيت محافرها على المنقار](١)
قال ابن هشام: ويقال إن رسول الله ﷺ قال له حين أنشده بانت سعاد «لولا ذكرت الأنصار بخير فإنهم لذلك أهل» فقال كعب هذه الأبيات وهي في قصيدة له قال وبلغني عن على بن زيد بن جدعان أن كعب بن زهير أنشد رسول الله ﷺ في المسجد بانت سعاد فقلبي اليوم متبول.
وقد رواه الحافظ البيهقي باسناده المتقدم إلى إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثني معن بن عيسى حدثني محمد بن عبد الرحمن الأفطس عن ابن جدعان فذكره وهو مرسل. وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر ﵀ في كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب بعد ما أورد طرفا من ترجمة كعب بن زهير إلى أن قال: وقد كان كعب بن زهير شاعرا مجودا كثير الشعر مقدما في طبقته هو وأخوه بجير وكعب أشعرهما وأبو هما زهير فوقهما ومما يستجاد من شعر كعب بن زهير قوله:
لو كنت أعجب من شيء لأعجبني … سعى الفتى وهو مخبوء له القدر
يسعى الفتى لأمور ليس يدركها … فالنفس واحدة والهم منتشر
والمرء ما عاش ممدود له أمل … لا تنتهي العين حتى ينتهى الأثر
ثم أورد له ابن عبد البر أشعارا كثيرة يطول ذكرها ولم يؤرخ وفاته، وكذا لم يؤرخها أبو الحسن بن الأثير في كتاب الغابة في معرفة الصحابة ولكن حكى أن أباه توفى قبل المبعث بسنة فالله أعلم. وقال السهيليّ ومما أجاد فيه كعب بن زهير قوله يمدح رسول الله ﷺ:
ففي عطافيه أو أثناء بردته … ما يعلم الله من دين ومن كرم
[فصل فيما كان من الحوادث المشهورة في سنة ثمان والوفيات]
فكان في جمادى منها وقعة مؤتة، وفي رمضان غزوة فتح مكة، وبعدها في شوال غزوة هوازن بحنين، وبعده كان حصار الطائف، ثم كانت عمرة الجعرانة في ذي القعدة، ثم عاد إلى المدينة في بقية السنة. قال الواقدي: رجع رسول الله ﷺ إلى المدينة لليالى بقين من ذي الحجة في سفرته هذه. قال الواقدي: وفي هذه السنة بعث رسول الله ﷺ عمرو بن العاص إلى جيفر وعمرو ابني الجلندي من الأزد، وأخذت الجزية من مجوس بلدهما ومن حولها من الأعراب، قال وفيها تزوج رسول الله ﷺ فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابي في ذي القعدة فاستعاذت منه ﵇ ففارقها، وقيل بل خيرها فاختارت الدنيا ففارقها. قال وفي ذي الحجة منها ولد إبراهيم ابن رسول الله ﷺ من مارية القبطية فاشتدت غيرة أمهات المؤمنين منها حين رزقت ولدا ذكرا وكانت قابلتها فيه سلمى
(١) ما بين المربعين لم يردا في الأصل وزدناهما من ابن هشام.