للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهرب منه كلب فاتبعه إلى رأس الجبل فوجده، وكان معه رجل من رسل الروم، فقال الرومي: لو كان هذا الجبل ببلادنا لاتخذنا عليه قلعة، فحدا هذا الكلام السلطان إلى أن ابتنى في رأسه قلعة أنفق عليها ألف ألف دينار، ومائتي ألف دينار، ثم استحوذ عليها بعد ذلك رجل من الباطنية يقال له أحمد بن عبد الله بن عطاء، فتعب المسلمون بسببها، فحاصرها ابنه السلطان محمد سنة حتى افتتحها، وسلخ هذا الرجل وحشى جلده تبنا وقطع رأسه، وطاف به في الأقاليم، ثم نقض هذه القلعة حجرا حجرا، وألقت امرأته نفسها من أعلى القلعة فتلفت، وهلك ما كان معها من الجواهر النفيسة، وكان الناس يتشاءمون بهذه القلعة، يقولون: كان دليلها كلبا، والمشير بها كافرا، والمتحصن بها زنديقا.

وفيها وقعت حروب كثيرة بين بنى خفاجة وبين بنى عبادة، فقهرت عبادة خفاجة وأخذت بثأرها المتقدم منها. وفيها استحوذ سيف الدولة صدقة على مدينة تكريت بعد قتال كثير. وفيها أرسل السلطان محمد الأمير جاولى سقاوو إلى الموصل وأقطعه إياها، فذهب فانتزعها من الأمير جكرمش بعد ما قاتله وهزم أصحابه وأسره، ثم قتله بعد ذلك وقد كان جكرمش من خيار الأمراء سيرة وعدلا وإحسانا، ثم أقبل قلج أرسلان بن قتلمش فحاصر الموصل فانتزعها من جاولى، فصار جاولى إلى الرحبة، فأخذها ثم أقبل إلى قتال قلج فكسره وألقى قلج نفسه في النهر الّذي للخابور فهلك. وفيها نشأت حروب بين الروم والفرنج فاقتتلوا قتالا عظيما ولله الحمد، وقتل من الفريقين طائفة كبيرة، ثم كانت الهزيمة على الفرنج ولله الحمد رب العالمين.

[قتل فخر الملك أبو المظفر]

وفي يوم عاشوراء منها قتل فخر الملك أبو المظفر بن نظام الملك، وكان أكبر أولاد أبيه، وهو وزير السلطان سنجر بنيسابور، وكان صائما، قتله باطني، وكان قد رأى في تلك الليلة الحسين بن على وهو يقول له: عجل إلينا وأفطر عندنا الليلة، فأصبح متعجبا، فنوى الصوم ذلك اليوم، وأشار إليه بعض أصحابه أن لا يخرج ذلك اليوم من المنزل، فما خرج إلا في آخر النهار فرأى شابا يتظلم وفي يده رقعة فقال: ما شأنك؟ فناوله الرقعة فبينما هو يقرؤها إذ ضربه بخنجر بيده فقتله، فأخذ الباطني فرفع إلى السلطان فقرره فأقر على جماعة من أصحاب الوزير أنهم أمروه بذلك، وكان كاذبا، فقتل وقتلوا أيضا. وفي رابع عشر صفر عزل الخليفة الوزير أبا القاسم على بن جهير وخرب داره التي كان قد بناها أبوه، من خراب بيوت الناس، فكان في ذلك عبرة وموعظة لذوي البصائر والنهى، واستنيب في الوزارة القاضي أبو الحسن الدامغانيّ، ومعه آخر. وحج بالناس فيها الأمير تركمان واسمه اليرن، من جهة الأمير محمد بن ملك شاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>