الباطن فأمر به ﵇ فحرق. وفي رمضان منها قدم وفد ثقيف فصالحوا عن قومهم ورجعوا اليهم بالأمان وكسرت اللات كما تقدم. وفيها توفى عبد الله بن أبىّ بن سلول رأس المنافقين لعنه الله في أواخرها، وقبله بأشهر توفى معاوية بن معاوية الليثي - أو المزني - وهو الّذي صلى عليه رسول الله ﷺ وهو نازل بتبوك إن صح الخبر في ذلك. وفيها حج أبو بكر ﵁ بالناس عن إذن رسول الله ﷺ له في ذلك. وفيها كان قدوم عامة وفود أحياء العرب ولذلك تسمى سنة تسع سنة الوفود، وها نحن نعقد لذلك كتابا برأسه اقتداء بالبخاري وغيره.
[كتاب الوفود]
[الواردين إلى رسول الله ﷺ]
قال محمد بن إسحاق: لما افتتح رسول الله ﷺ مكة وفرغ من تبوك وأسلمت ثقيف وبايعت ضربت اليه وفود العرب من كل وجه، قال ابن هشام: حدثني أبو عبيدة أن ذلك في سنة تسع وأنها كانت تسمى سنة الوفود، قال ابن إسحاق: وإنما كانت العرب تربص بإسلامها أمر هذا الحي من قريش، لأن قريشا كانوا امام الناس وهاديتهم وأهل البيت والحرم وصريح ولد إسماعيل بن إبراهيم وقادة العرب لا ينكرون ذلك، وكانت قريش هي التي نصبت الحرب لرسول الله ﷺ وخلافه فلما افتتحت مكة ودانت له قريش ودوخها الإسلام عرفت العرب أنهم لا طاقة لهم بحرب رسول الله ﷺ ولا عداوته فدخلوا في دين الله كما قال ﷿ أفواجا يضربون اليه من كل وجه يقول الله تعالى لنبيه ﷺ ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاِسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً﴾ أي فاحمد الله على ما ظهر من دينك ﴿وَاِسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً،﴾ وقد قدمنا حديث عمرو بن مسلمة قال: كانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح فيقولون اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبدر - أي قومي - بإسلامهم، فلما قدم قال جئتكم والله من عند النبي حقا، قال صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا، وذكر تمام الحديث وهو في صحيح البخاري.
قلت: وقد ذكر محمد بن إسحاق ثم الواقدي والبخاري ثم البيهقي بعدهم من الوفود ما هو متقدم تاريخ قومهم على سنة تسع بل وعلى فتح مكة. وقد قال الله تعالى ﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى﴾ وتقدم
قوله ﷺ يوم الفتح «لا هجرة ولكن جهاد ونية» فيجب التمييز بين السابق من هؤلاء الوافدين على