للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمن الفتح ممن يعد وفوده هجرة، وبين اللاحق لهم بعد الفتح ممن وعد الله خيرا وحسنى، ولكن ليس في ذلك كالسابق له في الزمان والفضيلة والله أعلم. على أن هؤلاء الأئمة الذين اعتنوا بإيراد الوفود قد تركوا فيما أوردوه أشياء لم يذكروها ونحن نورد بحمد الله ومنّه ما ذكروه وننبه على ما ينبغي التنبيه عليه من ذلك ونذكر ما وقع لنا مما أهملوه إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان. وقد قال محمد بن عمر الواقدي حدثنا كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده. قال: كان أول من وفد على رسول الله من مضر أربعمائة من مزينة وذاك في رجب سنة خمس

فجعل لهم رسول الله الهجرة في دارهم وقال: «أنتم مهاجرون حيث كنتم فارجعوا إلى أموالكم» فرجعوا إلى بلادهم، ثم ذكر الواقدي عن هشام بن الكلبي باسناده أن أول من قدم من مزينة خزاعيّ بن عبد نهم ومعه عشرة من قومه فبايع رسول الله على إسلام قومه، فلما رجع اليهم لم يجدهم كما ظن فيهم فتأخروا عنه. فأمر رسول الله حسان بن ثابت أن يعرض بخزاعي من غير أن يهجوه، فذكر أبياتا فلما بلغت خزاعيا شكى ذلك إلى قومه فجمعوا له وأسلموا معه وقدم بهم إلى رسول الله فلما كان يوم الفتح دفع رسول الله لواء مزينة - وكانوا يومئذ الفا - إلى خزاعيّ هذا، قال وهو أخو عبد الله ذو البجادين (١).

وقال البخاري باب وفد بنى تميم حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن أبى صخرة عن صفوان بن محرز المازني عن عمران بن حصين. قال: أتى نفر من بنى تميم الي النبي فقال: «أقبلوا البشرى يا بنى تميم» قالوا يا رسول الله قد بشرتنا فأعطنا، فرئي ذلك في وجهه ثم جاء نفر من اليمن فقال: «أقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم» قالوا قبلنا يا رسول الله. ثم قال البخاري حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبره عن ابن أبى مليكة أن عبد الله بن الزبير أخبرهم: أنه قدم ركب من بنى تميم على النبي فقال أبو بكر: أمّر القعقاع ابن معبد بن زرارة، فقال عمر: بل أمّر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر ما أردت إلا خلافي فقال عمر: ما أردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزلت ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ حتى انقضت. ورواه البخاري أيضا من غير وجه عن ابن أبى مليكة بألفاظ أخر وقد ذكرنا ذلك في التفسير عند قوله تعالى ﴿لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ الآية.

وقال محمد بن إسحاق: ولما قدمت على رسول الله وفود العرب قدم عليه عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس التميمي في أشراف بنى تميم منهم الأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر التميمي - أحد بنى سعد - وعمرو بن الأهتم، والحتحات (٢) بن يزيد، ونعيم بن يزيد، وقيس بن


(١) في الاصابة: ذي النجادين.
(٢) في الحلبية: الحبحاب، وفي التيمورية: الحجاب، وفي ابن إسحاق الحثحاث، وقال ابن هشام الحتات ووافقه السهيليّ واستشهد بقول الفرزدق على أنه الحتات.

<<  <  ج: ص:  >  >>