عام الخوارزمية سنة ثلاث وأربعين، واستقرت بيده بلداه بعلبكّ وبصرى، ثم أخذتا منه كما ذكرنا، ولم يبق له بلد يأوى إليه، فلجأ إلى المملكة الحلبية في جوار الناصر يوسف صاحبها، فلما كان في هذه السنة ما ذكرنا عدم بالديار المصرية في المعركة فلا يدرى ما فعل به والله تعالى أعلم.
وهو واقف التربة والمدرسة ودار الحديث والافراء بدمشق ﵀ بكرمه.
وممن توفى في هذه السنة من الأعيان.
[الملك المعظم توران شاه بن الصالح أيوب]
ابن الكامل ابن العادل، كان أولا صاحب حصن كيفا في حياة أبيه، وكان أبوه يستدعيه في أيامه فلا يجيبه، فلما توفى أبوه كما ذكرنا استدعاه الأمراء فأجابهم وجاء إليهم فملكوه عليهم، ثم قتلوه كما ذكرنا، وذلك يوم الاثنين السابع والعشرين من المحرم، وقد قيل إنه كان متخلفا لا يصلح للملك، وقد رئي أبوه في المنام بعد قتل ابنه وهو يقول:
قتلوه شر قتله … صار للعالم مثله
لم يراعوا فيه إلا … لا ولا من كان قبله
ستراهم عن قريب … لأقل الناس أكله
فكان كما ذكرنا من اقتتال المصريين والشاميين. وممن عدم فيما بين الصفين من أعيان الأمراء والمسلمين فمنهم الشمس لؤلؤ مدبر ممالك الحلبيين، وكان من خيار عباد الله الصالحين الآمرين بالمعروف وعن المنكر ناهين.
وفيها كانت وفاة.
[الخاتون ارغوانية]
الحافظية سميت الحافظية لخدمتها وتربيتها الحافظ، صاحب قلعة جعبر، وكانت امرأة عاقلة مدبرة عمرت دهرا ولها أموال جزيلة عظيمة، وهي التي كانت تصلح الأطعمة للمغيث عمر بن الصالح أيوب، فصادرها الصالح إسماعيل فأخذ منها أربعمائة صندوق من المال، وقد وقفت دارها بدمشق على خدامها، واشترت بستان النجيب ياقوت الّذي كان خادم الشيخ تاج الدين الكندي، وجعلت فيه تربة ومسجدا، ووقفت فيه عليها أوقافا كثيرة جيدة رحمها الله.
واقف الأمينية التي ببعلبكّ.
[أمين الدولة أبو الحسن غزال المتطبب]
وزير الصالح إسماعيل أبى الجيش الّذي كان مشئوما على نفسه، وعلى سلطانه، وسببا في زوال النعمة عنه وعن مخدومه، وهذا هو وزير السوء، وقد اتهمه السبط بأنه كان مستهترا بالدين، وأنه لم يكن له في الحقيقة دين، فأراح الله تعالى منه عامة المسلمين، وكان قتله في هذه السنة لما عدم الصالح إسماعيل بديار مصر، عمد من عمد من الأمراء إليه وإلى ابن يغمور فشنقوهما وصلبوهما على القلعة