للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنت بحضرة أمير المؤمنين؟ فقال: ما كان يصنع بها موسى وهو يخاطب ربه، فأخذها وتكلم من الظهر إلى أن قاربت العصر، ما تنحنح ولا سعل ولا توقف ولا ابتدأ في معنى فخرج عنه وقد بقيت عليه بقية فيه، فقال معاوية: الصلاة! فقال: الصلاة أمامك، ألسنا في تحميد وتمجيد وعظة وتنبيه، وتذكير ووعد ووعيد؟ فقال معاوية: أنت أخطب العرب، قال: العرب وحدها؟ بل أخطب الجن والانس. قال: كذلك أنت.

[سعد بن أبى وقاص]

واسمه مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، أبو إسحاق القرشي الزهري، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفى رسول الله وهو عنهم راض، أسلم قديما، قالوا: وكان يوم أسلم عمره سبع عشرة سنة. وثبت عنه في الصحيح أنه قال: ما أسلم أحد في اليوم الّذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام سابع سبعة، وهو الّذي كوّف الكوفة ونفى عنها الأعاجم، وكان مجاب الدعوة، وهاجر وشهد بدرا وما بعدها، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وكان فارسا شجاعا من أمراء رسول الله ، وكان في أيام الصديق معظما جليل المقدار، وكذلك في أيام عمر، وقد استنابه على الكوفة، وهو الّذي فتح المدائن، وكانت بين يديه وقعة جلولاء. وكان سيدا مطاعا، وعزله عن الكوفة عن غير عجز ولا خيانة، ولكن لمصلحة ظهرت لعمر في ذلك. وقد ذكره في الستة أصحاب الشورى، ثم ولاه عثمان بعدها ثم عزله عنها. وقال الحميدي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: شهد سعد بن أبى وقاص وابن عمر دومة الجندل يوم الحكمين. وثبت في صحيح مسلم أن ابنه عمر جاء إليه وهو معتزل في إبله فقال: الناس يتنازعون الإمارة وأنت هاهنا؟ فقال: يا بنى إني

سمعت رسول الله يقول:

«إن الله يحب العبد الغنى الخفى التقى». قال ابن عساكر: ذكر بعض أهل العلم أن ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبى وقاص جاءه فقال له: يا عم هاهنا مائة ألف سيف يرونك أحق الناس بهذا الأمر، فقال: أريد من مائة ألف سيفا واحدا إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا، وإذا ضربت به الكافر قطع. وقال عبد الرزاق عن ابن جريج حدثني زكريا بن عمرو أن سعد بن أبى وقاص وفد على معاوية فأقام عنده شهر رمضان يقصر الصلاة ويفطر، وقال غيره: فبايعه وما سأله سعد شيئا إلا أعطاه إياه.

قال أبو يعلى: حدثنا زهير ثنا إسماعيل بن علية عن إسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم. قال قال سعد: إني لأول رجل رمى بسهم في المشركين، وما جمع رسول الله أبويه لأحد قبلي، ولقد سمعته يقول: «ارم فداك أبى وأمى». وقال أحمد: حدثنا يزيد بن هارون ثنا إسماعيل عن قيس سمعت سعد بن مالك يقول: والله إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>