للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تحمل للسحائب منه إذا … هطلت جودا سحائب كفاه

فترسل كفاه بما اشتق منهما … فلليمن يمناه ولليسر يسراه

ولما بلغ موته أخاه صلاح الدين بن أيوب وهو مخيم بظاهر حمص، حزن عليه حزنا شديدا، وجعل ينشد باب المراثي من الحماسة وكانت محفوظة.

وفي رجب منها قدمت رسل الخليفة الناصر وخلع وهدايا إلى الناصر صلاح الدين، فلبس خلعة الخليفة بدمشق، وزينت له البلد، وكان يوما مشهودا. وفي رجب أيضا منها سار السلطان إلى مصر لينظر في أحوالها ويصوم بها رمضان، ومن عزمه أن يحج عامه ذلك، واستناب على الشام ابن أخيه عز الدين فروخ شاه، وكان عزيز المثل غزير الفضل، فكتب القاضي الفاضل عن الملك العادل أبى بكر إلى أهل اليمن والبقيع ومكة يعلمهم بعزم السلطان الناصر على الحج، ومعه صدر الدين أبو القاسم عبد الرحيم شيخ الشيوخ ببغداد، الّذي قدم من جهة الخليفة في الرسالة، وجاء بالخلع ليكون في خدمته إلى الديار المصرية، وفي صحبته إلى الحجاز، فدخل السلطان مصر وتلقاه الجيش، وأما شيخ الشيوخ فإنه لم يقم بها إلا قليلا حتى توجه إلى الحجاز في البحر، فأدرك الصيام في المسجد الحرام.

وفيها سار قراقوش التقوى إلى المغرب فحاصر بها فاس وقلاعا كثيرة حولها، واستحوذ على أكثرها، واتفق له أنه أسر من بعض الحصون غلاما أسود فأراد قتله فقال له أهل الحصن لا تقتله وخذ لك ديته عشرة آلاف دينار، فأبى فأوصله إلى مائة ألف، فأبى إلا قتله فقتله، فلما قتله نزل صاحب الحصن وهو شيخ كبير ومعه مفاتيح ذلك الحصن، فقال له خذ هذه فانى شيخ كبير، وإنما كنت أحفظه من أجل هذا الصبى الّذي قتلته، ولي أولاد داخ أكره أن يملكوه بعدي، فأقره فيه وأخذ منه أموالا كثيرة.

[وفيها توفى من الأعيان]

[الحافظ أبو طاهر السلفي]

أحمد بن محمد بن إبراهيم سلفة الحافظ الكبير المعمر، أبو طاهر السلفي الأصبهاني، وإنما قيل له السلفي لجده إبراهيم سلفة، لأنه كان مشقوق إحدى الشفتين، وكان له ثلاث شفاه فسمته الأعاجم لذلك. قال ابن خلكان: وكان يلقب بصدر الدين، وكان شافعيّ المذهب، ورد بغداد واشتغل بها على الكيا الهراسي، وأخذ اللغة عن الخطيب أبى زكريا. يحيى بن على التبريزي سمع الحديث الكثير ورحل في طلبه إلى الآفاق ثم نزل ثغر الاسكندرية في سنة إحدى عشرة وخمسمائة، وبنى له العادل أبو الحسن على بن السلار وزير الخليفة الظافر مدرسة، وفوضها إليه، فهي معروفة به إلى الآن. قال ابن خلكان: وأما أماليه وكتبه وتعاليقه فكثيرة جدا، وكان مولده فيما ذكر المصريون سنة ثنتين وسبعين وأربعمائة، ونقل الحافظ عبد الغنى عنه أنه قال اذكر مقتل نظام الملك في سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>