للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنى بجسمي فوق نعشى ممددا … فمن ساكت أو معول يتحرق

إذا سئلوا عنى أجابوا وعولوا … وأدمعهم تنهل هذا الموفق

وغيبت في صدع من الأرض ضيق … وأودعت لحدا فوقه الصخر مطبق

ويحثو على الترب أوثق صاحب … ويسلمني للقبر من هو مشفق

فيا رب كن لي مؤنسا يوم وحشتي … فانى بما أنزلته لمصدق

وما ضرني أنى إلى الله صائر … ومن هو من أهلي أبر وأرفق

فخر الدين ابن عساكر

[عبد الرحمن بن الحسن بن هبة الله بن عساكر]

أبو منصور الدمشقيّ شيخ الشافعية بها، وأمه اسمها أسماء بنت محمد بن الحسن بن طاهر القدسية المعروف والدها بأبي البركات ابن المران، وهو الّذي جدد مسجد القدم في سنة سبع عشرة وخمسمائة وبه قبره وقبرها، ودفن هناك طائفة كبيرة من العلماء، وهي أخت آمنة والدة القاضي محيي الدين محمد بن على بن الزكي، اشتغل الشيخ فخر الدين من صغره بالعلم الشريف على شيخه قطب الدين مسعود النيسابورىّ، فتزوج بابنته ودرس مكانه بالحاروجية، وبها كان يسكن في إحدى القاعتين اللتين أنشأهما وبها توفى غربي الإيوان، ثم تولى تدريس الصلاحية الناصرية بالقدس الشريف، ثم ولاه العادل تدريس التقوية، وكان عنده أعيان الفضلاء، ثم تفرغ فلزم المجاورة في الجامع في البيت الصغير إلى جانب محراب الصحابة يخلو فيه للعبادة والمطالعة والفتاوى، وكانت تفد إليه من الأقطار، وكان كثير الذكر حسن السمت، وكان يجلس تحت النسر في كل اثنين وخميس مكان عمه لإسماع الحديث بعد العصر، فيقرأ عليه دلائل النبوة وغيره، وكان يحضر مشيخة دار الحديث النورية، ومشهد ابن عروة أول ما فتح، وقد استدعاه الملك العادل بعد ما عزل قاضيه ابن الزكي فأجلسه إلى جانبه وقت السماط، وسأل منه أن يلي القضاء بدمشق، فقال حتى أستخير الله تعالى، ثم امتنع من ذلك فشق على السلطان امتناعه، وهم أن يؤذيه فقيل له احمد الله الّذي فيه مثل هذا. ولما توفى العادل وأعاد ابنه المعظم الخمور أنكر عليه الشيخ فخر الدين، فبقي في نفسه منه، فانتزع منه تدريس التقوية، ولم يبق معه سوى الحاروجية ودار الحديث النورية ومشهد ابن عروة، وكانت وفاته يوم الأربعاء بعد العصر عاشر رجب من هذه السنة وله خمس وستون سنة، وصلى عليه بالجامع وكان يوما مشهودا، وحملت جنازته إلى مقابر الصوفية فدفن في أولها قريبا من قبر شيخه قطب الدين مسعود بن عروة.

[سيف الدين محمد بن عروة الموصلي]

المنسوب إليه مشهد ابن عروة بالجامع الأموي، لأنه أول من فتحه، وقد كان مشحونا بالحواصل الجامعية وبنى فيه البركة ووقف فيه على الحديث درسا، ووقف خزائن كتب فيه، وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>