ثم قال لأصحابه: باكروني غدا إلى الصبوح، ونهض إلى بيت منامه فما أصبح حتى قبض عليه مؤيد الدولة وأخذ جميع ما في داره من الحواصل والأموال، وجعله مثلة في العباد، وأعاد إلى وزارته ابن عباد. وقد ذكر ابن الجوزي أن ابن عباد هذا حين حضرته الوفاة جاءه الملك فخر الدولة بن مؤيد الدولة يغوده ليوصيه في أموره فقال له إني موصيك أن تستمر في الأمور على ما تركتها عليه، ولا تغيرها، فإنك إن استمريت بها نسبت إليك من أول الأمر إلى آخره، وإن غيرتها وسلكت غيرها نسب الخير المتقدم إليّ لا إليك، وأنا أحب أن تكون نسبة الخير إليك وإن كنت أنا المشير بها عليك. فأعجبه ذلك منه واستمر بما أوصاه به من الخير، وكانت وفاته في عشية يوم الجمعة لست بقين من صفر منها. قال ابن خلكان: وهو أول من تسمى من الوزراء بالصاحب، ثم استعمل بعده منهم، وإنما سمى بذلك لكثرة صحبته الوزير أبا الفضل بن العميد، ثم أطلق عليه أيام وزارته. وقال الصابئ في كتابه الناجي: إنما سماه الصاحب مؤيد الدولة لأنه كان صاحبه من الصغر، وكان إذ ذاك يسميه الصاحب، فلما ملك واستوزره سماه به واستمر فاشتهر به، وسمى به الوزراء بعده، ثم ذكر ابن خلكان قطعة صالحة من مكارمه وفضائله وثناء الناس عليه، وعدد له مصنفات كثيرة، منها كتابه المحيط في اللغة في سبع مجلدات، يحتوي على أكثر اللغة وأورد من شعره أشياء منها في الخمر:
رق الزجاج وراقت الخمر … وتشابها فتشاكل الأمر
فكأنما خمر ولا قدح … وكأنما قدح ولا خمر
قال ابن خلكان: توفى بالري في هذه السنة وله نحو ستين سنة ونقل إلى أصبهان ﵀.
[الحسن بن حامد]
أبو محمد الأديب، كان شاعرا متجولا كثيرا المكارم، روى عن على بن محمد بن سعيد الموصلي وعنه الصوري، وكان صدوقا. وهو الّذي أنزل المتنبي داره حين قدم بغداد وأحسن إليه حتى قال له المتنبي: لو كنت مادحا تاجرا لمدحتك، وقد كان أبو محمد هذا شاعرا ماهرا، فمن شعره الجيد قوله:
شربت المعالي غير منتظر بها … كسادا ولا سوقا يقام لها أحرى
وما أنا من أهل المكاسب كلما … توفرت الأثمان كنت لها أشرى
[ابن شاهين الواعظ]
عمر بن أحمد بن عثمان بن محمد بن أيوب بن زذان، أبو حفص المشهور، سمع الكثير وحدث عن الباغندي وأبى بكر بن أبى داود والبغوي، وابن صاعد، وخلق. وكان ثقة أمينا، يسكن الجانب الشرقي من بغداد، وكانت له المصنفات العديدة. ذكر عنه أنه صنف ثلاثمائة وثلاثين مصنفا