الدار قطنى الأجزاء الغيلانيات، وهي سماعنا. توفى يوم الاثنين سادس شوال منها عن أربع وتسعين سنة، ويقال إنه بلغ المائة فالله أعلم.
[الملك أبو كاليجار]
واسمه المرزبان بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة، توفى عن أربعين سنة وأشهر، ولى العراق نحوا من أربع سنين، ونهبت له قلعة كان له فيها من المال ما يزيد على ألف ألف دينار، وقام بالأمر من بعده ابنه الملك الرحيم أبو نصر.
[ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وأربعمائة]
في عاشر المحرم تقدم إلى أهل الكرخ أن لا يعملوا بدع النوح، فجرى بينهم وبين أهل باب البصرة ما يزيد على الحد، من الجراح والقتل، وبنى أهل الكرخ سورا على الكرخ، وبنى أهل السنة سورا على سوق القلائين، ثم نقض كل من الفريقين أبنيته، وحملوا الآجر إلى مواضع بالطبول والمزامير، وجرت بينهم مفاخرات في ذلك، وسخف لا تنحصر ولا تنضبط، وإنشاد أشعار في فضل الصحابة. وثلبهم، ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾. ثم وقعت بينهم فتن يطول ذكرها، وأحرقوا دورا كثيرة جدا. وفيها وقعت وحشة بين الملك طغرلبك وبين أخيه، فجمع أخوه جموعا كثيرة فاقتتل هو وأخوه طغرلبك، ثم أسره من قلعة قد تحصن بها، بعد محاصرة أربعة أيام، فاستنزله منها مقهورا، فأحسن إليه وأكرمه، وأقام عنده مكرما، وكتب ملك الروم إلى طغرلبك في فداء بعض ملوكهم ممن كان أسره إبراهيم بن نيال، وبذل له مالا كثيرا، فبعثه إليه مكرما من غير عوض، اشترط عليه فأرسل إليه ملك الروم هدايا كثيرة، وأمر بعمارة المسجد الّذي بالقسطنطينية، وأقيمت فيه الصلاة والجمعة، وخطب فيه للملك طغرلبك، فبلغ هذا الأمر العجيب سائر الملوك فعظموا الملك طغرلبك تعظيما زائدا، وخطب له نصر الدولة بالجزيرة. وفيها ولى مسعود بن مودود بن مسعود بن محمود بن سبكتكين الملك بعد وفاة أبيه، وكان صغيرا، فمكث أياما ثم عدل عنه إلى عمه على بن مسعود، وهذا أمر غريب جدا. وفيها ملك المصريون مدينة حلب وأجلوا عنها صاحبها ثمال بن صالح بن مرداس. وفيها كان بين البساسيري وبين بنى عقيل حرب. وفيها ملك البساسيري الأنبار من يد قرواش فأصلح أمورها. وفي شعبان منها سار البساسيري إلى طريق خراسان وقصد ناحية الدوران وملكها، وغنم مالا كثيرا كان فيها، وقد كان سعدى بن أبى الشوك قد حصنها، قال ابن الجوزي: في ذي الحجة منها ارتفعت سحابة سوداء فزادت على ظلمة الليل، وظهر في جوانب السماء كالنار المضيئة، فانزعج الناس وخافوا وأخذوا في الدعاء والتضرع، فانكشف في أثناء الليل بعد ساعة، وكانت قد هبت ريح شديدة جدا قبل ذلك، فأتلفت شيئا كثيرا من الأشجار، وهدمت رواشن كثيرة في دار الخلافة ودار المملكة. ولم يحج أحد من أهل العراق.