للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مالك بن أحمد بن على]

ابن إبراهيم، أبو عبد الله البانياسي الشامي، وقد كان له اسم آخر سمته به أمه «على أبو الحسن» فغلب عليه ما سماه به أبوه، وما كناه به، سمع الحديث على مشايخ كثيرة، وهو آخر من حدث عن أبى الحسن بن الصلت، هلك في حريق سوق الريحانيين، وله ثمانون سنة، كان ثقة عند المحدثين.

[السلطان ملك شاه]

جلال الدين والدولة، أبو الفتح ملك شاه، ابن أبى شجاع ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل ابن سلجوق نفاق التركي، ملك بعد أبيه وامتدت مملكته من أقصى بلاد الترك إلى أقصى بلاد اليمن، وراسله الملوك من سائر الأقاليم، حتى ملك الروم والخزر واللان، وكانت دولته صارمة، والطرقات في أيامه آمنة، وكان مع عظمته يقف للمسكين والضعيف، والمرأة، فيقضى حوائجهم، وقد عمر العمارات الهائلة، وبنى القناطر، وأسقط المكوس والضرائب، وحفر الأنهار الكبار، وبنى مدرسة أبى حنيفة والسوق، وبنى الجامع الّذي يقال له جامع السلطان ببغداد، وبنى منارة القرون من صيوده بالكوفة، ومثلها فيما وراء النهر، وضبط ما صاده بنفسه في صيوده فكان ذلك نحوا من عشرة آلاف صيد، فتصدق بعشرة آلاف درهم، وقال: إني خائف من الله تعالى أن أكون أزهقت نفس حيوان لغير مأكله، وقد كانت له أفعال حسنة، وسيرة صالحة، من ذلك أن فلاحا أنهى إليه أن غلمانا له أخذوا له حمل بطيخ، ففتشوا فإذا في خيمة الحاجب بطيخ فحملوه إليه، ثم استدعى بالحاجب فقال: من أين لك هذا البطيخ؟ قال: جاء به الغلمان، فقال: أحضرهم، فذهب وأمرهم بالهرب فأحضره وسلمه للفلاح، وقال: خذ بيده فإنه مملوكي ومملوك أبى، وإياك أن تفارقه، ثم رد على الفلاح الحمل البطيخ، فخرج الفلاح يحمله وبيده الحاجب، فاستنقذ الحاجب نفسه من الفلاح بثلاثمائة دينار.

ولما توجه لقتال أخيه تتش اجتاز بطوس فدخلها لزيارة قبر على بن موسى الرضى، ومعه نظام الملك، فلما خرجا قال للنظام: بم دعوت الله؟ قال: دعوت الله أن يظفرك على أخيك. قال: لكنى قلت اللهمّ إن كان أخى أصلح للمسلمين فظفره بى، وإن كنت أنا أصلح لهم فظفرني به، وقد سار بعسكره من أصبهان إلى أنطاكية فما عرف أن أحدا من جيشه ظلم أحدا من الرعية، وكانوا مئين ألوف، واستعدى إليه مرة تركمانيّ أن رجلا افتض بكارة ابنته وهو يريد أن يمكنه من قتله، فقال له: يا هذا إن ابنتك لو شاءت ما مكنته من نفسها، فان كنت لا بدّ فاعلا فاقتلها معه، فسكت الرجل، فقال له الملك: أو تفعل خيرا من ذلك؟ قال: وما هو؟ قال: فان بكارتها قد ذهبت، فزوجها من ذلك الرجل وأنا أمهرها من بيت المال كفايتهما، ففعل. وحكى له بعض الوعاظ أن كسرى اجتاز يوما في بعض أسفاره بقرية وكان منفردا من جيشه، فوقف على باب دار فاستسقى فأخرجت إليه جارية إناء

<<  <  ج: ص:  >  >>