للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحترمه كثيرا، وبعث مصعب المهلب بن أبى صفرة على الموصل والجزيرة وأذربيجان وأرمينية، وكان قد استخلف على البصرة حين خرج منها عبيد الله بن عبد الله بن معمر، وأقام هو بالكوفة، ثم لم تنسلخ هذه السنة حتى عزله أخوه عبد الله بن الزبير عن البصرة وولى عليها ابنه حمزة بن عبد الله بن الزبير، وكان شجاعا جوادا مخلطا يعطى أحيانا حتى لا يدع شيئا، ويمنع أحيانا ما لم يمنع مثله، وظهرت خفة وطيش في عقله، وسرعة في أمره، فبعث الأحنف إلى عبد الله بن الزبير فعزله وأعاد إلى ولايتها أخاه مصعبا مضافا إلى ما بيده من ولاية الكوفة، قالوا: وخرج حمزة بن عبد الله بن الزبير من البصرة بمال كثير من بيت مالها، فعرض له مالك بن مسمع، فقال: لا ندعك تذهب بأعطياتنا، فضمن له عبيد الله بن معمر العطاء فكف عنه، فلما انصرف حمزة لم يقدم على أبيه مكة، بل عدل إلى المدينة، فأودع ذلك المال رجالا فكلهم غل ما أودعه وجحده، سوى رجل من أهل الكتاب، فأدى إليه أمانته. فلما بلغ أباه ما صنع قال: أبعده الله، أردت أن أباهي به بنى مروان فنكص. وذكر أبو مخنف أن حمزة بن عبد الله بن الزبير ولى البصرة سنة كاملة فالله أعلم.

قال ابن جرير: وحج بالناس فيها عبد الله بن الزبير، وكان عامله على الكوفة أخاه مصعبا، وعلى البصرة ابنه حمزة، وقيل بل كان رجع إليها أخوه، وعلى خراسان وتلك البلاد عبد الله بن خازم السلمي [من جهة ابن الزبير والله سبحانه أعلم.

وممن توفى فيها من الأعيان الوليد بن عقبة بن أبى معيط، وأبو الجهم، وهو صاحب الانبجانية المذكورة في الحديث الصحيح. وفيها قتل خلق كثير يطول ذكرهم] (١)

[ثم دخلت سنة ثمان وستين]

ففيها رد عبد الله أخاه مصعباً إلى إمرة البصرة، فأتاها فأقام بها، واستخلف على الكوفة الحارث ابن عبد الله بن أبى ربيعة المخزومي، قباع، واستعمل على المدينة جابر بن الأسود الزهري، وعزل عنها عبد الرحمن بن الأشعث لكونه ضرب سعيد بن المسيب ستين سوطا، فإنه أراد منه أن يبايع لابن الزبير فامتنع من ذلك فضربه، فعزله ابن الزبير. وفيها هلك ملك الروم قسطنطين بن قسطنطين ببلده، وفيها كانت وقعة الأزارقة.

وذلك أن مصعبا كان قد عزل عن ناحية فارس المهلب بن أبى صفرة، وكان قاهرا لهم وولاه الجزيرة، وكان المهلب قاهرا للأزارقة، وولى على فارس عمر بن عبيد الله بن معمر، فثاروا عليه فقاتلهم عمر بن عبيد الله فقهرهم وكسرهم، وكانوا مع أميرهم الزبير بن الماجور، ففروا بين يديه إلى إصطخر فاتبعهم فقتل منهم مقتلة عظيمة، وقتلوا ابنه، ثم ظفر بهم مرة أخرى ثم هربوا إلى بلاد


(١) سقط من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>