كتبهم التي بأيديهم وتأمل ما فيها من سوء التعبير وقبيح التبديل والتغيير وبالله المستعان وهو نعم المولى ونعم النصير. وهذه التوراة التي يبدونها ويخفون منها كثيرا فيما ذكروه فيها تحريف وتبديل وتغيير وسوء تعبير يعلم من نظر فيها وتأمل ما قالوه وما أبدوه وما أخفوه وكيف يسوغون عبارة فاسدة البناء والتركيب باطلة من حيث معناها وألفاظها. وهذا كعب الأحبار من أجود من ينقل عنهم وقد أسلم في زمن عمر وكان ينقل شيئا عن أهل الكتاب فكان عمر ﵁ يستحس بعض ما ينقله لما يصدقه من الحق وتأليفا لقلبه فتوسع كثير من الناس في أخذ ما عنده وبالغ أيضا هو في نقل تلك الأشياء التي كثير منها ما يساوى مداده. ومنها ما هو باطل لا محالة. ومنها ما هو صحيح لما يشهد له الحق الّذي بأيدينا. وقد قال البخاري وقال أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري أخبرنى حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة. وذكر كعب الأحبار فقال ان كان من اصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب وان كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب يعنى من غير قصد منه.
وروى البخاري من حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال. كيف يسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الّذي أنزل الله على رسوله أحدث الكتب بالله تقرءونه محضا لم يشب وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا الا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الّذي أنزل عليكم وروى ابن جرير عن عبد الله بن مسعود أنه قال لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل والله أعلم *
[قصة جريج أحد عباد بنى إسرائيل]
قال الامام أحمد حدثنا وهب بن جرير حدثني أبى سمعت محمد بن سيرين يحدث عن أبى هريرة قال قال رسول الله ﷺ لم يتكلم في المهد الا ثلاثة عيسى بن مريم قال وكان في بنى إسرائيل رجل عابد يقال له جريج فابتنى صومعة وتعبد فيها قال فذكر بنو إسرائيل عبادة جريج فقالت بغى منهم لئن شئتم لأفتننه فقالوا قد شئنا ذاك قال فاتته فتعرضت له فلم يلتفت اليها فامكنت نفسها من راع كان يؤوى غنمه الى أصل صومعة جريج فحملت فولدت غلاما فقالوا ممن قالت من جريج فاتوه فاستنزلوه فشتموه وضربوه وهدموا صومعته فقال ما شأنكم قالوا انك زنيت بهذه البغي فولدت غلاما فقال وأين هو قالوا هو هذا قال فقام فصلى ودعا ثم انصرف الى الغلام فطعنه بإصبعه فقال بالله يا غلام من أبوك فقال انا ابن الراعي فوثبوا الى جريج فجعلوا يقبلونه وقالوا نبنى صومعتك من ذهب قال لا حاجة لي في ذلك ابنوها من طين كما كانت قال وبينما امرأة في حجرها ابن لها ترضعه إذ مر بها راكب ذو شارة فقالت