للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك، ثم استدعى يزيد فقال له كما قال لأخيه، فقال يزيد: أو يعفيني أمير المؤمنين في هذا الوقت عن هذا؟ فقال: لا بدّ لك أن تسأل حاجتك، فقال: أسال - وأطال الله عمر أمير المؤمنين - أن أكون ولى عهده من بعده، فإنه بلغني أن عدل يوم في الرعية كعبادة خمسمائة عام. فقال: قد أجبتك إلى ذلك، ثم قال لامرأته: كيف رأيت؟ فعلمت وتحققت فضل يزيد على ولدها.

وقد ذكر ابن الجوزي في هذه السنة وفاة أم حرام بنت ملحان الأنصارية امرأة عبادة بن عبادة بن الصامت، والصحيح الّذي لم يذكر العلماء غيره أنها توفيت سنة سبع وعشرين، في خلافة عثمان، وكانت هي وزوجها مع معاوية حين دخل قبرص، وقصتها بغلتها فماتت هناك وقبرها بقبرص، والعجب أن ابن الجوزي أورد في ترجمتها حديثها المخرج في الصحيحين في قيلولة النبي في بيتها، ورؤياه في منامه قوما من أمته يركبون ثبج البحر مثل الملوك على الأسرة غزاة في سبيل الله، وأنها سألته أن يدعو لها أن تكون منهم فدعا لها، ثم نام فرأى كذلك، فقالت: أدعو الله أن يجعلني منهم، فقال «لا! أنت من الأولين» وهم الذين فتحوا قبرص فكانت معهم، وذلك في سنة سبع وعشرين، ولم تكن من الآخرين الذين غزوا بلاد الروم سنة إحدى وخمسين مع يزيد بن معاوية ومعهم أبو أيوب، وقد توفى هناك فقبره قريب من سور قسطنطينية، وقد ذكرنا هذا مقرارا في دلائل النبوة

[ثم دخلت سنة سبع وخمسين]

فيها كان مشتى عبد الله بن قيس بأرض الروم، قال الواقدي: وفي شوالها عزل معاوية مروان ابن الحكم عن المدينة، وولى عليها الوليد بن عتبة بن أبى سفيان، وهو الّذي حج بالناس في هذه السنة، لأنه صارت إليه إمرة المدينة، وكان على الكوفة الضحاك بن قيس، وعلى البصرة عبيد الله ابن زياد، وعلى خراسان سعيد بن عثمان. قال ابن الجوزي: وفيها توفى عثمان بن حنيف الأنصاري الأوسي، وهو أخو عبادة وسهل ابني حنيف، بعثه عمر لمساحة خراج السواد بالعراق، واستنابه عمر على الكوفة، فلما قدم طلحة والزبير صحبة عائشة وامتنع من تسليم دار الامارة، نتفت لحيته وحواجبه وأشفار عينيه ومثل به،

فلما جاء على وسلمه البلد قال له: يا أمير المؤمنين فارقتك ذا لحية واجتمعت بك أمرد، فتبسم على وقال: لك أجر ذلك عند الله، وله في المسند والسنن حديث الأعمى الّذي سأل رسول الله أن يدعو له ليرد الله عليه ضوء بصره فرده الله عليه، وله حديث آخر عند النسائي، ولم أر أحدا أرخ وفاته بهذه السنة سوى ابن الجوزي والله أعلم.

[ثم دخلت سنة ثمان وخمسين]

فيها غزا مالك بن عبد الله الخثعميّ أرض الروم، قال الواقدي: وفيها قيل شتى يزيد بن شجرة في البحر، وقيل: بل غزا البحر وبلاد الروم جنادة بن أبى أمية، وقيل: إنما شتى بأرض الروم عمرو

<<  <  ج: ص:  >  >>