قال ابن إسحاق: فرجع رسول الله ﷺ فأقام جمادى ورجبا وشعبان وقد كان بعث بين يدي ذلك سعدا في ثمانية رهط من المهاجرين، فخرج حتى بلغ الخرار من أرض الحجاز. قال ابن هشام: ذكر بعض أهل العلم أن بعث سعد هذا كان بعد حمزة ثم رجع ولم يلق كيدا. هكذا ذكره ابن إسحاق مختصرا وقد تقدم ذكر الواقدي لهذه البعوث الثلاثة، أعنى بعث حمزة في رمضان، وبعث عبيدة في شوال، وبعث سعد في ذي القعدة كلها في السنة الاولى.
وقد
قال الامام احمد: حدثني عبد المتعال بن عبد الوهاب حدثني يحيى بن سعيد. وقال عبد الله بن الامام احمد وحدثني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبى ثنا المجالد عن زياد ابن علاقة عن سعد بن أبى وقاص. قال لما قدم رسول الله ﷺ المدينة جاءته جهينة فقالوا إنك قد نزلت بين أظهرنا فأوثق حتى نأتيك وقومنا، فأوثق لهم فأسلموا قال فبعثنا رسول الله ﷺ في رجب ولا نكون مائة وأمرنا أن نغير على حي من بنى كنانة إلى جنب جهينة فاغرنا عليهم وكانوا كثيرا فلجأنا إلى جهينة فمنعونا وقالوا لمن تقاتلون في الشهر الحرام؟ فقال بعضنا لبعض ما ترون؟ فقال بعضنا نأتي نبي الله فنخبره، وقال قوم لا بل نقيم هاهنا، وقلت أنا في أناس معى لا بل نأتي عير قريش فنقتطعها. وكان الفيء إذ ذاك من أخذ شيئا فهو له، فانطلقنا إلى العير وانطلق أصحابنا إلى النبي ﷺ فأخبروه الخبر فقام غضبان محمر الوجه. فقال:«أذهبتم من عندي جميعا ورجعتم متفرقين إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة، لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم أصبركم على الجوع والعطش» فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي فكان أول أمير في الإسلام. وقد رواه البيهقي في الدلائل من حديث يحيى بن أبى زائدة عن مجالد به نحوه وزاد بعد قولهم لأصحابه: لم تقاتلون في الشهر الحرام فقالوا نقاتل في الشهر الحرام من أخرجنا من البلد الحرام ثم رواه من حديث أبى أسامة عن مجالد عن زياد بن علاقة عن قطبة بن مالك عن سعد بن أبى وقاص فذكر نحوه فادخل بين سعد وزياد قطبة بن مالك وهذا أنسب والله أعلم. وهذا الحديث يقتضي أن أول السرايا عبد الله بن جحش الأسدي وهو خلاف ما ذكره ابن إسحاق أن أول الرايات عقدت لعبيدة بن الحارث بن المطلب، وللواقدي حديث زعم أن أول الرايات عقدت لحمزة بن عبد المطلب والله أعلم.
[باب سرية عبد الله بن جحش]
التي كان سببها لغزوة بدر العظمى (١) وذلك يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير قال ابن إسحاق: وبعث رسول الله ﷺ عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي في رجب
(١) كذا بالأصلين، ولعلها: التي كانت سببا لغزوة بدر العظمى.